in

ليفربول يرتدي ثوب “ثقة الأبطال” في ليلة القبض على “الكرة ‏الجميلة”

عبد الرزاق حمدون*

شوطٌ واحد كان كافياً لتغيير الكثير من المفاهيم الكروية لهذا الموسم. 45 دقيقة كانت كفيلة ‏لسقوط مانشستر سيتي؛ أفضل فريق يلعب كرة جماعية جميلة في هذا العام، وكانت تكريساً ‏لصحوة ليفربول المحلّية ليتوّجها بفوز عريض ليلة أمس في الأجواء الأوروبية.‏

تحت أنظار أساطير القلعة الحمراء تقمّص لاعبو الليفر شخصية البطل في المسابقة التي ‏شهدت أياماً على رفع الريدز لكأسها، ليقدم صلاح ورفاقه شوط أول للذكرى، لن يمحى من ‏ذاكرة عشّاق الفريق الأحمر ليفربول ، ولن ينساه بيب غوارديولا مدرب مانشستر سيتي لفترة من ‏الزمن، كيف لا وهو من شهد على ثلاثة أهداف تدك شباك فريقه في 30 دقيقة، كيف لا ‏وقد عاش أجواء الأبطال لكن بلونها الأحمر، بروح وعزيمة “الأنفيلد روود”.‏

المباراة بدأت قبل صافرة الحكم الألماني، بعدما توعّد المدرب الألماني يورغن كلوب ‏بأنها ستكون ليلة مميزة لفريقه الأحمر. تصريح كلوب رفع سقف التطلّعات لدى جمهور ‏الشارع الأحمر، لكي يدخلوا المدرّجات وكلهم ثقة بمدربهم ولاعبيهم.‏

“Trust in Klopp‏” أي “ثق في كلوب”، هذه الجملة رفعتها جماهير ليفربول ليلة أمس، عبارة لم يفهمها إلا ‏المذكور بها حيث رد الجميل بمثله عندما نقل ثقة الجماهير به للاعبيه، لكي يقدموا كل ما ‏لديهم ويعطوا درساً في التكتيك والانضباط داخل أرضية الميدان وتنفيذ مهاهم بالشكل ‏المطلوب. أما على الطرف الآخر فكان المدرب الإسباني غارقاً في عناده، متابعاً بصمت ما ‏يحدث للاعبيه وكأنه يشاهد أشباحهم، ولم يسعفه الوقت حتى لإيقاظهم من غفوتهم، لكي ‏يصحوا على كابوسٍ كبير مفاده أن ثلاثة أهداف دخلت مرماهم.‏

ثقة كلوب بلاعبيه تمثّلت في انضباطهم التكتيكي خلال المراحل الدفاعية، ونقلهم للكرة ‏المرتدة لثالوث الهجوم المرعب “صلاح_مانيه_فيرمينيو”، لتدخل هنا الثقة أفضل مراحلها ‏بأكثر ثلاثي هجومي رُعباً في الدوري الإنكليزي الممتاز لهذا العام، حيث بدأها صلاح ‏وأثنى عليها تشامبرلين بتسديدة مشابهة لهدفه على السيتي في لقاء الدوري، ‏لينهيها مانيه بالثالث في نصف ساعة.‏

يبدو أن غوارديولا تابع مباراة مانشستر يونايتد وليفربول الأخيرة في الدوري الممتاز، ‏وكيف استطاع مورينيو التفوّق “بنتيجة المباراة” على كلوب، وكيف ضرب دفاع الريدز في ‏مقتل حينها من جهة الشاب آرنولد، لذا كان من البديهي أن نشاهد معظم هجمات السيتي من ‏تلك الزاوية. ثقة كلوب التي تكلّمنا عنها تجسّدت بلاعبه الشاب الذي استحقّ نجومية اللقاء، ‏حيث تمكّن صاحب الـ 19 عاماً من إيقاف الجناح الألماني سانيه في أكثر من مناسبة، ليحقق ‏رقماً جديداً أكثر من شتت الكرة في 10 مرّات وأكثر من اعترض الكرة في 7 مناسبات.‏

لأول مرّة هذا الموسم نشاهد وسط فريق مانشستر سيتي فاقداً لأفضل ميّزاته، وهي السيطرة ‏على الكرة وإيجاد الحلول في عمق دفاعات الخصوم، فلم نرى لمسات سحرية من دي ‏بروين وسيلفا. تحضير كلوب كان أفضل من بيب حيث أغلق المساحات في وسط الملعب، ‏وبالرغم من غياب ايمري تشان إلا أنّ ثقته ب هندرسون وتشامبرلين وميلنر كانت في ‏محلّها بإغلاق وسط الميدان والضغط على السيتي في المنتصف، لينقلوا المباراة إلى ‏الأطراف السلبية بدون جدوى، لذا كنا نشاهد تمريرات السيتي بالعرض أكثر منها طولاً ‏ليفتقد بيب أحد أفضل أسلحته.‏

خيارات بيب لم تأتي بالأشياء المثمرة، بل زاد التشتت أمام هيجان وحماس كل من كان ‏ضدهم في الأنفيلد لتزداد متاعب بيب خلال أوقات الشوط الثاني. في حين أن كلوب ولاعبوه ‏أعطوا درساً في التضحية والانضباط، لكي يترجموا تفوّق مدربهم على نظيره الإسباني.‏

ليفربول قدّم مباراة للذكرى بكل تفاصيلها ودقائقها وأعطى رسالة لجميع الفرق الكبيرة، أن ‏روح الريدز تجوب في أوروبا متعطّشة لبصمة أوروبية تحيي فيها الأمجاد، أما بيب فعليه ‏أن يعلم أن لقاء الإياب في “الإتحاد” هي آخر ما تبقى لتدارك هذا الموسم.‏

*عبد الرزاق حمدون. صحفي رياضي مقيم في ألمانيا

اقرأ أيضاً:

رسالة للمشككين: “محمد صلاح” موهبة وليس طفرة

كيفين دي بروين… كيف أصبح أفضل لاعب دون تسجيل ‏الأهداف؟

عفرين درس سوري في استعادة الهوية الوطنية

بالفيديو: احتفال لمثليين ومتحولين جنسياً عرب في برلين