in ,

ماذا يتعلم أولادنا في المدارس الأوروبية؟ عن قلق الأهالي من مناهج التربية الجنسية

التربية الجنسية المدرسة
التربية الجنسية المدرسة

إعداد: سعاد عباس
إلى جانب الكثير من التحديات التي وجد آلاف اللاجئين والقادمين الجدد إلى ألمانيا وأوروبا عموماً أنفسهم في مواجهتها، تبدو المسائل المتعلقة بالأسرة وتربية الأطفال والتنشئة أمراً ملحاً أيضاً عليهم التعامل معه. التقت أبواب بمجموعة من الأمهات والآباء للحديث عن آرائهم فيما يتعلق بأساليب التعليم الجديدة التي يتلقاها أبنائهم وبناتهم، ولاسيما موضوع التربية الجنسية في المدارس ومدى تقبلهم لهذا الأمر. ونكتفي في أبواب بطرح هذه الآراء على تعارضها ورغم تناقضاتها، مع التأكيد على أهمية التربية الجنسية وتشجيعنا على تقبلها دورها الكبير في بناء جيل صحيح نفسياً وجنسياً.

رغم أن وجهات النظر عند حوالي 24 عائلة من القادمين الجدد إلى ألمانيا، اتفقت على أهمية أن يتلقى الأطفال التربية الجنسية ضمن مناهج علمية، إلا أنه كان هناك بعض الاعتراضات والملاحظات -والتي نعتبر بعضها على جانبٍ كبيرٍ من الأهمية- أرادت هذه الأسر مشاركتها معنا ومنها:
أبدى حوالي النصف قلقهم إزاء العمر الصغير الذي يبدأ فيه تقديم هذه المعلومات للأطفال، معتبرين أن المعلومات المتعلقة بالجنس قد تكون غير مفهومة للصغار، وتثير لديهم ردات فعل مبكرة أو بمعنى آخر تثير فضولهم تجاه تفاصيل ما كانت ستخطر على بالهم في هذا العمر، ويفضلون أن لا يتم إعطاء هذه المواد قبل عمر الثانية عشرة على سبيل المثال.

في حين أن علا الجاري وهي أم لصبي في الثانية من عمره، توافق وبشدة على أهمية التربية الجنسية من أعمارٍ صغيرة وبالتدريج حسب العمر وكل مرحلة وأهم شيء فيها، وتضيف علا: “أعرف من تجربتي أننا تعلمنا كل شيء في المدرسة في المرحلة الابتدائية والإعدادية ولكن فقط من رفيقاتنا ومن نتف الأحاديث التي نفهمها على هوانا، ومن “هريج” النساء والعجائز هنا وهناك، التي كان يمكن وفي كل لحظة أن تسبب لنا رضّاً نفسياً يخرب علاقتنا بأجسادنا وجنسانيتنا للأبد”. ومن هنا تؤكد علا أن الجيل سيسعى دوماً لهذه المعرفة، لذا فلتكن مصادرها وأدواتها علمية ومنطقية وصحية”.

اقرأ/ي أيضاً: الثقافة الجنسية في المدارس الألمانية وقلق الأهل الصامت

الأفلام التوضيحية… قلق وحرج

أغلب الأمهات والآباء الذين التقينا بهم أكدوا أنهم يتقبلون تلقي أولادهم ذكوراً وإناثاً التعليم في المواضيع الجنسية دون تفرقة فيما بينهم، سيما أن بعض المدارس تراعي عند إعطاء الدروس فصل الصبيان عن البنات من أجل تلافي الخجل بين الطرفين ولمنح راحة أكبر في طرح الأسئلة. وفي هذا الشأن صرحت إحدى الأمهات بأن أسلوب إعطاء الدرس له أهمية كبيرة، ولذلك تجد بعض المدرسين أو المدرسات أكثر كفاءة في الشرح وتوضيح الأمور دون السماح بتحويل الدرس نحو التهريج والمزاح ولا نحو الإسفاف والابتذال، ولاسيما عند استخدام الفيديوهات أو الصور التوضيحية.
ربا من ناحيتها تقول بأنه في ظل الانفتاح الموجود في أوروبا، فإن هذا التعليم المدرسي يهيئ للأطفال وعياً أكبر لمحيطهم، وللناس من حولهم، فيتمكنون من تمييز الصح من الخطأ، لكنها بكل الأحوال ترفض عرض أفلام توضيحية في هذا العمر الصغير. خديجة .ب ولديها طفلان توائم في الصف الخامس الابتدائي قالت بدورها: “ارتعبت حين سمعت بأنهم سيعرضون فيديو أثناء الدرس، ولم يخطر ببالي إلا الأفكار السلبية، ولكن الحمدالله لم يحصل ذلك، وعرفت لاحقاً أن المدرسة لا تعرض أي فيديو بهذا الشأن دون أخذ موافقة الأهالي”.

علياء وعبدالمجيد، أبوان لصبيين وفتاة في المدرسة، يعتبرون أن من المهم أن يتعلم الأطفال عن أجسامهم وأجسام الآخرين، ولكن قد تكون هناك حاجة أحياناً إلى تصحيح وتعديل بعض المفاهيم والمعلومات بما يتناسب مع الدين وقيمه. يقول عبدالمجيد: “بعد أن حضر ابني البكر هذه الدروس لأول مرة، كنت أراقبه وأفكر في تأثير ذلك عليه، لكنه كان يتحدث عن الموضوع كأي درسٍ آخر أخذه في حصة العلوم، وهذا جعلني أشعر بالراحة. كما أنني شاهدت بعض البروشورات العلمية التي أعطوه إياها حول الحماية من الحمل ومن الأمراض التي تنتقل بالجنس”.

تشجيع على الانحراف؟؟؟

إحدى الأمهات اعتبرت أن إعطاء دروس “جنسية” يثير الكثير من اللغط وسوء الفهم. مع اعتبار أن المعلومات الآتية من المدارس تستثني دور الدين والأخلاقيات والتقاليد التي تربينا عليها، كما أنها تتيح الحديث بجرأة في المحرمات، وأشار أبٌ آخر إلى أن تقبل المثلية الجنسية، هو أمرٌ سيء جداً ترتكبه المناهج التعليمية الألمانية بحق الأطفال لأنها تعتبره أمراً طبيعياً.
أزواجٌ آخرون أشاروا إلى أن هذه العلاقات المحرمة أمرٌ لا يمكن تقبله لما فيه من تشجيع على الانحراف برأيهم، ولذلك فهم يبذلون جهداً كبيراً مع أبنائهم لشرح مدى خطأ ما يتعلمونه في المدرسة بهذا الشأن.

قال إبراهيم.م معبراً عن اعتراضه الشديد على المناهج، إن الدروس لا تقتصر على تعليم الأطفال عن أجسادهم، وإنما أيضاً كيفية حدوث العلاقة الجنسية واستخدام (الكوندوم)، حتى أن بعض المدارس توزع مجسمات لأعضاء ذكرية وتدرب الأولاد على استخدام الكوندوم بحجة تعليمهم كيفية حماية أنفسهم من الحمل أو من الأمراض، في حين أن الطريقة الأصح هي التوعية وعدم السماح بالخوض بأمورٍ كهذه أو حتى التفكير بممارسة الجنس قبل السن المناسب وبالطريقة المعترف بها قانونياً أو حتى شرعياً. وأضاف ابراهيم: “شعرت بالصدمة حين شاهدت الصور والشروح التفصيلية تحتها في كتاب ابني ذي التسع سنوات”.
على الصعيد المعاكس، أكثر من نصف الأسر يعتقدون أن التخوفات لدى بعض الأهالي مبالغٌ بها، حيث قال عمران غدور: “أفضّل أن يحصل ابني وابنتي على المعلومات عن طريق المدرسة ومن المصدر الصحيح والآمن، بدلاً من أن يتعلموها من بعضهم أو من الإنترنت، حين كنت صغيراً تعرضت لمواقف سيئة جداً بسبب جهلي وبسبب الفضول الذي دفعني للبحث في الأماكن الغلط، عدا عن التنمر من قبل بعض الصبية الذين كانوا يتباهون بخرافاتهم عن الجنس والعلاقات”.

ولاشك أن الهدف الرئيسي للدروس الجنسية هو أبعد ما يكون عن التشجيع على الانحراف، فالوعي هو خط الدفاع الأول، والبناء الصحيح للوعي يأتي من خلال المعرفة الواضحة والبعيدة عن التخيلات والأوهام الجنسية التي تتيحها كل الوسائل الأخرى خارج المدرسة.

من يريد “قطة مغمّضة”؟

مريم.س تقول بدورها: “ابنتي تحكي لي كل التفاصيل التي تحدث في حياتها ومدرستها، هي الآن في السابعة عشرة من عمرها، قوية الشخصية ومرتاحة مع أنوثتها وجسدها، ولا يوجد شيء يثير فضولها أو رهبتها فيما يتعلق بالجنس، لذلك أنا أثق بها وبتصرفاتها، وبأنها لن تتعرض للخداع أو التغرير بها واستغلالها أو التحرش بها، وهذا أكثر ما كان يخشاه علينا أهلنا، فكانت عبارة (قطة مغمضة) تُستخدم لوصف الفتاة التي لا تعرف شيئاً بالجنس على سبيل المديح، رغم أنها تصف الفتاة التي يرجح أن تتعرض يوماً للخطر الحقيقي بسبب جهلها”.

يقول إياد سلامة: “كان ولدي خجلاً جداً، وأراد أن يتغيب عن تلك الحصة، لأن الأولاد كانوا يضحكون فيها، وبعض الصبية من صفوف أخرى كانوا يتحدثون عن الأمر بكثيرٍ من الفضول، لكنني أقنعته بالذهاب، وبالفعل حين عاد كان مرتاحاً جداً، وشرح بعض ما تعلمه بطريقة علمية جداً ومبسطة، وشرح عن الجهاز التناسلي كأنه يشرح عن الجهاز التنفسي أو الهضمي.
أكثر ما يريحني أنني لست مضطراً أنا بنفسي لشرح هذه التفاصيل له أو لابنتي التي مازالت صغيرة الآن لكنها والحمدالله ستتعلم من المصدر الصحيح، وأقول بثقة أن هذا المصدر أفضل مني أنا شخصياً لأنني كنت سأذوب خجلاً”.

التوافق ما بين المعلومات والعمر

“أنا مع التربية الجنسية،” تقول رهف موصلي، ولكن ليس من سن مبكر مثل ٨ سنوات ولا بكل تفاصيل العملية الجنسية، وتضيف أن عمر البدء بإعطاء الدروس في التربية الجنسية يرجع للمدرسة، وقد يكون في الصف الثالث أو حتى في الروضة، لكن المهم أن يكون هناك تدرج مناسب لعمر الطفل واستيعابه.
وتقترح السيدة موصلي أن تكون هناك أيضاً “دورات توعية للأهالي” محورها مواضيع التربية الجنسية التي يتعلمها أطفالهم وباللغة الألمانية، ليتمكنوا بدورهم من فهم هذه المواضيع بنفس الطريقة ومحاورة أولادهم بخصوصها، خاصة بأعمارهم الصغيرة. تقول رهف: “أنا بصراحة كأم بخجل احكي بكل التفاصيل، بحاول قد ما بقدر، وأطفالي كمان بخجلوا، بنتي أخدت الدروس أول مرة بعمر ٨ سنين وحسيت استيعابها جيد، لكن ابني أخده لأول مرة بعمر ٩ وكان كتير يكره الموضوع وحكى أكتر من مرة للأستاذ إنه ما بده يشارك، بس فهمناه انه لازم نعرف لأن هاد جسمنا، وحتى كانت علاماته أقل من المعتاد بهالموضوع تحديداً”.

خاص أبواب

الاندماج

قرأت وسمعت عن الاندماج كثيراً.. ولكنني لم أختبره بعد

التطعيم في ألمانيا

التطعيم في ألمانيا: رقم قياسي لعدد الجرعات المضادة لكورونا في يوم واحد