in , ,

محمد صلاح سندباد الكرة العربية… حكاية كفاح يحتذى بها

سرعته في الانتقال من الأجواء المحلّية نحو العالمية وانسجامه السريع مع الأندية التي لعب لها ودخوله قلوب الجماهير يفوق سرعته الخيالية فوق أرضية الميدان، بصمته الكبيرة جعتله محلّ ثناء ومدح من المدربين الذين تعاقبوا على تدريبه.

محمد صلاح حكاية لاعب كرة قدم مزج بين الإصرار العربي والاحترافية الأوروبية، قاده حلمه إلى عالمٍ مليء بمعشوقته كرة القدم والبقاء فيه للأقوى والتألق فيه لأشخاص معدودين وبعد عدّة مواسم في سماء الملاعب الأوروبية تمكّن الفرعون المصري من كتابة اسمه بين كبار القوم.

الحلم على حساب العلم

ولد محمد صلاح 15 حزيران من عام 1992 في نجريج “أرياف طنطا” من عائلة صغيرة، الحالة المالية المحدودة حالت دون انتقاله للحياة الجامعية لكي ينتقل لمعهد اللاسلكي، حبّه لكرة القدم وشغفه قاده من الشارع إلى فريق بسيون حيث كان يقضي معظم أوقاته متنقلاً على الطرقات وبالرغم من عدم رضاة والدته بذلك لكن إيمان والده بموهبته جعله يستمر لينتقل إلى مقاولون طنطا، ومن ثم إلى القاهرة التي فضّلها على حساب الثانوية العامّة في بسيون، ليبدأ هناك مع المقاولون العرب بكتابة أول أسطر من مسيرته الكروية.

لم أحلم باللعب في أوروبا ولكن ؟

بدأ صلاح مسيرته الكروية في ناشئي نادي المقاولون العرب، لينضم بعدها للفريق الأول ويشارك لأول مرّة في الدوري المصري الممتاز وهو في سن الثامنة عشر في عام 2010، تألقه الكبير مع فريقه المحلي جعل من مشواره في الدوري المصري سريعاً جداً وبالرغم من أنه لم يحلم يوماً في الذهاب إلى أوروبا للعب هناك “كما قال في مقابلاته”، جاءت المفاجأة السارّة من أوروبا ليعلن نادي بازل السويسري عن نيّته في التعاقد مع النجم المصري الشاب بعد فشل انتقاله للزمالك، في نيسان/أبريل من عام 2012.

أفضل لاعب في دوري السوبر السويسري

في عام 2012 وبعد مستواه اللافت مع نادي المقاولون العرب وخلال مباراة أقامها بازل مع منتخب مصر تحت 23 عاماً، أتم بازل السويسري تعاقده مع صلاح في أبريل 2012 في الصفقة التي بلغت مليوني يورو.

عام 2013 شهد تألق النجم المصري مع فريقه السويسري سواء محلّياً أو أوروبياً، بصمته القوية في سماء الدوري الأوروبي على حساب توتنهام الإنجليزي ومساهمته في تأهل فريقه إلى نصف النهائي عدا عن أهدافه بمرمى تشيلسي في نفس المسابقة، إبداعاته محلّياً لم تتوقف عند تسجيل الأهداف بل ختمها بلقب الدوري المحلي ووصيف الكأس وحاز على جائزة أفضل لاعب في الدوري السويسري.

ربّ ضارّةٍ نافعة

تألقه اللافت مع بازل السويسري خاصّة أمام تشيلسي الإنجليزي فرض على البرتغالي جوزيه مورينيو مدرب البلوز أن يتصل به ويخبره بأنه يريد التعاقد معه في شتاء موسم 2014 ليكون أول لاعب مصري يمثّل أزرق لندن، كثرة النجوم في تشيلسي وعدم اقتناع مورينيو بمستواه ومشاركته القليلة سرّع من خروجه حيث لعب لعام واحد فقط في الستامفورد بريدج قرر المغادرة، وبالرغم من حالة التوتر في حياته الشخصية بمصر بعد رفض انتسابه لمعهد دراسي لكي لا يذهب لخدمة الجيش، جاء الفرج من إيطاليا ليعار لمدة ستة أشهر لنادي فيورنتينا الإيطالي في 3 شباط/فبراير 2015، عدم استقراره والتعثر مع تشيلسي لم يخفف من عزيمته ومع الفيولا كانت بداية تألق صلاح أوروبياً واستطاع من كسر سلسلة يوفنتوس بـ47 مباراة على أرضه دون هزيمة حينما سجّل هدفي فيورنتينا في مباراة الكأس ليكون أول لاعب يسجل هدفين على يوفنتوس في عام 2014-15، ويصل مع فريقه لنصف نهائي الدوري الأوروبي واختير ضمن التشكيلة المثالية للبطولة.

أفضل ذئب في روما

سطوع نجمه في سماء الكالتشيو حرّك كبار إيطاليا ليحط رحاله في ذئاب العاصمة روما إعارة مع أحقية الشراء من تشيلسي وذلك في صيف موسم 2015-16، سجّل 14 هدفاً وصنع 6 في أول موسم له مع روما لتقرر إدارة النادي الإيطالي شراءه رسمياً من تشيلسي بقيمة 15 مليون يورو، في العام الثاني استمر صلاح بتألقه في الكالتشيو ليشكل ثنائي مرعب مع المهاجم البوسني إيدين دجيكو، سجّل 19 هدفاً في الموسم كاملاً وبجميع المسابقات واحتل ثانياً في الدوري الإيطالي على صعيد صناعة الأهداف بـ11 هدفاً، واختير صلاح أفضل لاعب في روما بهذا الموسم.

الصفقة الأغلى في البيع والشراء

من بوابة روما أصبح اسم النجم المصري متداولاً على كل لسان وتصدّر المواقع الإلكترونية التي ربطت عودته إلى البريميرليغ من عبر أعرق الأندية الإنجليزية وعميدها أوروبياً، ليفربول وبعد إصرار المدرب الألماني يورغن كلوب في التعاقد مع نجم مصر الأول لتكون صفقة محمد صلاح الأغلى بتاريخ الريدز بقيمة 42 مليون يورو وأغلى صفقة بيع لنادي روما.

في حناجر جماهير الأنفيلد روود

مرحلة تلو الأخرى أضحى صلاح نجم الفريق الأول وبدأت جماهير الأنفيلد روود تتغنى بالبطل الجديد الذي احتل صدارة ترتيب هدّافي البريميرليغ حتى الجولة العشرين ليصبح في الجولة الرابعة والعشرين ثاني الهدّافين برصيد 18 هدفاً وتكفّل صلاح بتسجيل 5 أهداف بمسابقة دوري أبطال أوروبا مع ليفربول، ومع كل هدف يسجله صلاح كانت جماهير الملعب الأحمر تنسج أحلى الأغاني والأهازيج التي تحمل اسم النجم العربي الذي حاز على جائزة لاعب الشهر في ناديه في أربع مناسبات خلال خمسة أشهر فقط وفرض نفسه كأفضل لاعبي الدوري الإنجليزي الممتاز في شهر تشرين الثاني الماضي وأفضل لاعب في قارّته أفريقيا.

روسيا 2018

دولياً ساهم صلاح بتأهل منتخب بلاده إلى مونديال روسيا 2018 بعد غياب دام 25 عاماً، وكانت بصمة ابن بسيون واضحة مع منتخب الفراعنة في التصفيات النهائية حيث شارك بجميع الأهداف الـ 7 التي سجلتها مصر في تلك التصفيات برصيد 5 أهداف وصنع 2 ويتصدّر قائمة هدّافي تصفيات أفريقيا.

قصة نجاح محمد صلاح تشبه الأفلام الهوليودية المختصة في مجال الرياضة والتي تتكلم عن كفاح شاب صغير دفعه حبّه وشغفه لكرة القدم لأن ينتقل من ملاعب حارات مدينته الصغيرة إلى أفخم ملاعب العالم وليكون ملهم الجماهير العالمية.

عبد الرزاق حمدون. صحفي رياضي مقيم في ألمانيا

 

اقرأ أيضاً

باكيري ياتا من رحلة اللجوء بحرًا إلى الدوري الألماني لكرة القدم

النجم جورج ويا من لاعب كرة قدم، إلى رئيس لبلاده

نجم كرة القدم لوكاس دينكي ساعد في إنقاذ ضحايا هجمات برشلونة. “لوكاس، شكراً جزيلاً!”

تقرير: مئات حالات التحرش الجنسي في الجيش الألماني العام الماضي

اتفاق حول لم شمل أسر اللاجئين بين تحالف ميركل والاشتراكيين