in

أحب سوريا.. وأكره نظام بيت الأسد

العمل الفني: ريم يسوف
حكم عبد الهادي. صحفي وكاتب فلسطيني مقيم في ألمانيا

موقفي من العنوان لم يتغير، فقد كتبت في عام 2011 عنواناً قريباً منه. كيف لا أمقت زعيماً ورث السلطة بكذبة أو بالأحرى بتعديل الدستور لكي يُمرر موظفوا الأسد الأب الدكتور طبيب العيون، كان والده قد أعد العدة لتتويج ابنه الذي كان من المفروض أن يكون “باسل”، وكأن البلد من أملاك ابيه، ولكنه توفي والبعض يقول (استشهد) في حادث سيارة، فورثه طبيب العيون الذي كان يمضي أوقاتاً هادئة في لندن.

نجح مشروع الأب الداهية وشرّاء الذمم، وللأسف كان هناك نسبة من السكان تتعاطف مع نظام العائلة لاعتقادهم بأنها تحميهم وتسيّر أمورهم. لا توجد مشكلة لدى هذه الشريحة بأن تتقاسم خيرات البلد مع بشار وعائلته على أن تعطى حصة الأسد لعائلة الأسد بالمعنى الشامل.

فشلت المقاومة السورية بعد أن اختلط الحابل بالنابل بداعش وماعش وكل من دب وهب. لم تستطع الطليعة المثقفة أن تتصدى بنجاح لجبروت النظام الذي تدرب على أكل أكتاف السوريين ومسخ الكثير منهم. صديقي، مهندس حمصي سوري قال لي ذات مرة : لن أغفر للنظام  أنه حول شريحة كبيرة من الشعب السوري إلى منافقين وكذابين وفاسدين. ربما كانت ظروف الحياة التي فرضها النظام تقتضي ذلك الإسراف في التزلف والانبطاح. لم يكن بإمكانك إذا أردت أن تحصل على حقك في المحكمة إلا إذا قدمت رشوات للقاضي والمحامي والبواب.

النظام منع كل الأحزاب، غير تلك التي صنعها هو، لخداع العالم والادعاء بأنه لا يقلّ ديمقراطيةً عن فرنسا وإنكلترا. لم تنشأ – ولم يسمح بذلك – مؤسسات وتحركات تركيبتها ديمقراطية واعية تقود الكثير من المواطنين من الهاوية والانحطاط الأخلاقي إلى الحرية: كل شئ يبدو ديمقراطياً مثل انتخابات الرئيس والنواب. وبعدها يقف بشار ويقول: لا تتدخلوا بشؤون سوريا الداخلية أنا منتخب من شعبي في انتخابات حرة. “حرة بعينه” أين كانت الرقابة الدولية على نظام خبيث ومحنك؟

لم تكن مهمة قيادة المعارضة سهلة، فكيف تقود شعباً ممزقاً ومتهالكاً؟

لا أحد يستطيع أن ينكر بطولات آلأف السوريين ولكنها لم تكف لهزيمة الديكتاتور الذي يبدو لوسائل الإعلام وزوجته ووالده من قبله بشكل حضاري، فالابتسامة لا تغيب عن وجهه رغم مئات الآلاف من الضحايا والمشردين. ويتساءل المراقب: على ماذا هذه الابتسامة؟ هل يكفي احتفاظك بالسلطة لتعبر عن هذا الفرح بهذا الشكل البربري؟ هل فكرت “السيدة الأولى” بأطفال آلاف المعتقلين والمعتقلات الذين استشهدوا في سجون بشار وأبيه؟ إنها أم ، فهي ولا شك تستطيع أن تضع نفسها مكان الأمهات على الأقل، ولكن يبدو أنها تعيش بقصرها وتركت ضميرها في لندن.

كذبة الممانعة لم تعد تنطلي على أحد

أصبح بعض السوريين يمقتون الفلسطينيين والقضية الفلسطينية لأن النظام يدعي أنه يفعل كل هذه الأعمال ويقدم قرابين الضحايا في حلب وحماة وحمص من أجل الممانعة التي لم تطلق رصاصة واحدة لا لتحرير الجولان ولا لتحرير متر مربع من فلسطين.

ربما تدعمه في هذا السياق الخدمة العسكرية والسياسية والإعلامية التي يقدمها حزب الله لبشار الأسد. صحيح أن هذا الحزب الطائفي حارب إسرائيل في عام 2006 وكان له أنذاك كل الإحترام. حصل حزب الله وقتذاك على الشرعية التي لا تمنحها في بلادنا إلا الجماهير والآن أتوقع أنها ستسحبها منه لمشاركته النظام في حربه ضد الشعب السوري العظيم. حزب الله سيظل حزباً شيعياً يدين بمبدأ ولاية الفقيه التي تحتم عليه الانصياع المخزي لولاية الفقيه خامنئي. كيف يمكننا الاعتماد والثقة بقرار أجنبي، فالأمر يتعلق بقضايا مصيرية.

ورغم كل شيء الشعب السوري يستحق الاستقلال ككل شعوب الأرض، فبدون الاستقلال والديمقراطية لا معنى للحياة، بدون كرامة يتحول الإنسان إلى شخص مدجن وتافه.

كان يتوجب عليّ أن أكتب هذه الكلمات التي لا تخلو من الغضب والقهر لأنني أيضاً كنت قد كتبت الشعار التالي على الفيسبوك: سوريا كما أراها في نهاية المطاف الذي اقترب: “بشار ومن حوله طلعوا أشطر من المعارضة الله لا يعطيهم العافية ضحوا بنصف الشعب”.

آمل أن يكون في هذا المقال بعض التوضيحات للشعار.

ربما كسب بشار هذه الجولة ولكن الطريق إلى الديمقراطية والعدالة الاجتماعية مازال طويلاً. لن تذهب أرواح الشهداء والتضحيات الجسام سدى!

اقرأ/ي أيضاً:

بورتريه: مهاجرون في ألمانيا – الكاتب والصحفي حكم عبد الهادي

الإعلام العربي والإعلام الألماني (ملاحظات عابرة)

كوابيس الثورة

مأساة جديدة.. مقتل 7 مهاجرين بعد غرق زورقهم في تركيا

وزيرة العدل الألمانية تتلقى تهديدات بالقتل على خلفية الجدل حول “كلمات المرور”!