in

حلب المدمرة… الوجه الحقيقي للعالم

Vadim Ghirda/Associated Press

دُمِّرتْ حلب، ودُمّرتْ سوريا. أربعة عشر مليون لاجئ سوري. أكثر من نصف مليون قتيل في سوريا. اليمين انتصر في فرنسا. رجل مجنون وفاشي يدعى ترامب يترأّس أهمّ دولة في العالم. بوتين سعيدٌ جدًا. والسيسي في مصر ديكتاتور معتوه قتل ثورة شعبه.

مثير للسخرية أن الحشد الشعبي الإيراني الشيعي الطائفي، مع حزب الله، مع تحالف دوليّ يحاربون “الإرهاب” في الشرق الأوسط. أما اليسار الأوروبي الهزيل مشغول بـ “جمال المقاتلات الكرديّات” ويعتبر أنّ أخطر مجرم حرب في القرن الواحد والعشرين (بشار الأسد) أفضل من غيره.. نعم دُمّرت حلب، هذا صحيح، ولكنّها صارت تشبه العالم أكثر.

لستُ متفائلاً على الإطلاق

بدأتُ من هذه المقدّمة التي اقتبستها من الكاتب السوري الكردي دارا عبد الله، لأقول إنّي لست متفائلاً على الإطلاق، ليس بشأن سوريا فقط، بل بشأن العالم كله، هذا العالم الذي لا يكترث –مهما ادعى الإنسانية- إلّا حين تصبح المشكلة على حدوده. ربّما لم يسمع كثيرون من الألمان باسم سوريا قبل أن يصبح السوريون لاجئين على الحدود، وكثيرون منهم بسبب الجهل الممنهج والمسيّس، يعتقدون أن بوتين الآن يحرّر سوريا من الإرهاب. حقوق الإنسان التي تدّعيها “الدول المتقدمة” أثبتت هشاشتها وزيفها، وأصبح واضحًا أن ما يقصدونه هو الإنسان الخاص بهم، الذي يعيش على أرضهم ويحمل جنسيتهم ولونهم واسم عائلة تنتمي لمجتمعهم. ورغم أنه من السهل عليهم جميعًا، الحصول على المعلومات والأخبار ومواضع انتهاكات حقوق الإنسان إلّا أنهم لا يريدون أن يعرفوا، وإن عرفوا، فهذا لا يعني بالضرورة أنهم سيفعلون شيئًا.

الحكومات الأوروبية وشعوبها

حدث عمل إرهابيّ في فرنسا، فقرّرت فرنسا أن تنتقم من السوريين، وقصفت سوريا، هكذا بكل بساطة ودم بارد. كلّ هذه الدول الغربيّة تشارك في قتل الشعب السوري بشكل مباشر وغير مباشر، بعضهم يقصف مباشرة، بعضهم يشكلون تحالفات لمحاربة الإرهاب فيقتلون الأطفال! وبعضهم يبيع السلاح الكيماويّ للأسد ويبيع السلاح لمعارضيه وهكذا!، والمشكلة الأكبر أننا لم يعد بإمكاننا أن نكذب على أنفسنا ونلوم الحكومات فقط، ونقول إن هذه الحكومات لا تمثّل شعوبها، هذا غير صحيح أبدًا، هذه الدول الديمقراطيّة تمثّل الأغلبية الساحقة من شعوبها بالتأكيد، أمّا الأقليّة، فلا نرى لها أثرًا ولا نسمع لها صوتًا وكأنّها غير موجودة.

15622311_988298677941583_6354364203566760415_n

على هامش “أزمة اللاجئين”

تدخّل كل هذه الدول بهذه الطريقة في سوريا جعل المسألة بشكل ما مستحيلة الحل، إذ إن كل هذه الدول تدخّلت للحفاظ على موازين القوى، لا لتنهي الحرب، باستثناء روسيا التي تحارب بشراسة دفاعًا عن الأسد لينتصر، كل هذا جعل القضيّة أعقد، بحسب الأمم المتحدة: 58% من السوريين يعيشون الآن تحت خط الفقر، منهم 7 ملايين طفل، 5 ملايين محاصر، منهم مليون تحت حصار كامل، 2.8 مليون حالة إعاقة جسدية بسبب الحرب، 13 مليون بحاجة لمساعدات إنسانية عاجلة منهم 5.8 مليون طفل، أكثر من نصف الناس تركوا بيوتهم بعد 2011، 4.3 مليون يعيشون في العراء وفي ظروف غير إنسانية، أكثر من ثلثي المدارس تم إغلاقها، كل هذه الكارثة الإنسانية الكبيرة، لا يرى الأوروبيون منها إلّا أزمة اللاجئين!

الحل على طريقة كوسوفو

ولأن الحل لم يعد بأيدي السوريين منذ زمن، يبدو أن لا حل في سوريا إلّا بالتدخل الدولي تحت البند السابع ونشر قوات حفظ سلام، وسحب السلاح من الجميع بالقوة، كما تدخّلت الأمم المتحدة في كوسوفو. تهجير الناس من بيوتها وإسكانها في مخيّمات هو أمر كارثي وليس إلا حلاً مؤقتًا. محاربة داعش لا تكفي، السوريون منذ مارس 2011 طالبوا بالحرية والديمقراطية والكرامة، وإسقاط النظام الديكتاتوري الذي قتل من السوريين أكثر من نصف مليون، واستعمال المصطلحات “الجذابة” كالحرب على الإرهاب أصبح مكرورًا وفاضحًا لهشاشة منظومة المجتمع الدولي وكذب ادعاءات “الدول المتقدمة”، وكذلك ضعف الأمم المتحدة وعجزها عن القيام بواجباتها. حتى المفاوضات السياسية بين المعارضة والنظام في جنيف تم إعلان وفاتها، لم يعد التفاوض ممكنًا قبل وقف إطلاق النار بشكل فعلي ومباشر، على أمريكا وأوروبا اليوم الضغط على روسيا وبشكل فوري للتوقف عن استعمال (الفيتو)، والبدء عمليًا بإنهاء الحرب، والبدء بالتحوّل الديمقراطي في سوريا دون الأسد. هذه ليست أحلامًا ورديّة، هذا ما يجب تطبيقه والضغط من أجله، وإلا فإن الجميع مشترك في هذه الجريمة الكارثية.

هل سأغيّر رأيي؟

لم يطلب السوريون إلّا أن يعيشوا بكرامة، فقتلهم العالم، ومن لم يقتلهم صفّق لقاتلهم، ومن لم يصفّق ظلّ صامتًا، باستثناء بعض الأفراد هنا وهناك ممن لا يستطيعون فعل شيء لوحدهم. شعور الخذلان والغبن في قلوب السوريين سيخلق جدارًا أخلاقيًا كبيرًا بين من يتبقّى منهم، وبين سكان العالم الآخرين، افعلوا شيئًا. كل فرد، كلّ مجموعة، لا تتركونا وحدنا. شرطة برلين استعملت العنف لتفريقنا منذ أيام لأننا كنا لوحدنا، دعونا نملأ الشوارع غضبًا، نضغط على الحكومات لتوقف الحرب. لا يوجد حرب أهلية في سوريا، بل حرب من روسيا وإيران وحزب الله والأسد على المدنيين، وحرب من داعش وفتح الشام (جبهة النصرة)  وأمثالها على المدنيين، وحرب من التحالف الدولي على المدنيين.

افعلوا شيئًا، ودعوني أغيّر رأيي ولو مرّة واحدة، وأتراجع عن مقولتي بأن هذا العالم قبيح ولا يصلح للعيش، هذا العالم الذي يحتاج أن يدفعَ الملايينَ من أجل دورات (الاندماج) ليعلّم الناس كيف تعيش مع بعضها، وفي المقابل، لا يحتاج أحد ليعلّم الناس كيف تقتل بعضها… فهذه سهلة جدًا.

أرجوكم غيّروا رأيي.

في الليلة الظلماء يُفتقدُ “العظم”

كعك العيد، ستة أنواع شهيرة لكعك العيد وحلوياته في ألمانيا