in ,

العام الثالث: تحديات وطموحات

مع هذا العدد تدخل أبواب عامها الثالث بتوجّهات أكثر تنوعاً، لجمهورٍ أوسع مما كان في الماضي القريب.

يترافق ذلك مع نجاحات يحققها كثيرون من القادمين الجدد، سنستعرض جوانب منها في ملف هذا العدد، وأيضاً مع تحدياتٍ وعقبات لا يختلف بعضها عمّا كانوا يواجهونه منذ وصلوا بلاد الشتات؛ من مفاهيم وتعثّرات “الاندماج”، إلى القلق حيال مسائل الترحيل والإقامات ولمّ الشمل، وصولاً إلى أصابع الاتهام الموجّهة إليهم إثر أية عمليةٍ تتسبب بسقوط ضحايا من الأوروبيين تحت بند “الإرهاب الإسلامي” قبل حتى البحث في الأدلة.

يضاف إلى ذلك النمو المضطرد – رغم مرحليته – لليمين المتطرف المنتشي بانتصاره في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، والذي أدخل ألمانيا في نفق من الاضطرابات السياسية وكسر العظم لأحزابٍ ألمانية عريقة، أولها الحزب المسيحي الديمقراطي.

ونحن على مشارف العام الثالث لـ “أبواب”، تشهد ألمانيا جدلاً سياسيّاً متصاعداً، ويركز الإعلام على تحميل القادمين الجدد المسؤولية كعاملٍ خارجي، مما يحملهم ضغوطاً أكبر ويضع اندماجهم مجدداً تحت المجهر، بينما يخلي مسؤولية المواطن الألماني كطرفٍ أساسي في عملية الاندماج، لاسيما مع التعتيم نسبياً على الإشكالات الداخلية التي أبرزت التطرف اليميني في البلاد، ومنها التهميش أو قلّة الاهتمام، سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، تجاه المناطق الشرقية.

في العام الثالث تفتح أبواب ذراعيها وتوسّع من آفاقها، فتمتد إلى ما وراء مواضيع اللجوء والاندماج، لتصل إلى المهاجرين الناطقين بالعربية من الجاليات المقيمة في أوروبا منذ عشرات السنين، وتضيء على نجاحات أفرادها وغنى تجاربهم، كما تتناول قضاياهم ومشاكلهم، وتتحدث معهم وعنهم، لعلّ ذلك يسهم في تلافي ما ارتُكب من أخطاءٍ في الماضي أو يمنع تكرارها.

في عامنا الثالث، نطلق من أبواب رسالة محبة، ودعوة صادقة لكل مقيم في ألمانيا وأوروبا ليكون جزءاً من عائلتنا، لنتشارك أفكارنا ومشاغلنا، علنا نستطيع إيصالها بالشكل الأمثل. كما نوجّه رسالة شراكة إلى الألمان الراغبين بالتعرف أكثر على القادمين الجدد، عاداتهم، قيمهم، أفكارهم، أحلامهم ومخاوفهم، لكسر الصور النمطية التي لا يكاد يسقط بعضها حتى يعاود الظهور.

خلال عامين مضيا، عملنا بجدّية سعياً للوصول إلى كل قادمٍ جديد، واليوم نحاول دخول منزل كل مهاجر وكل ألماني منفتح على الآخر، وراغبٍ في محاورته والتعايش معه. دعونا إذن نجمع أنفسنا، ليس سياسياً ولا دينياً أو عقائديا، بل بتقارب كلماتنا، ثقافاتنا وأفكارنا، لعلّ الخطوة التالية تكون نحو مجتمع متعدد الثقافات، نحقق من خلاله التأثير والتغيير الإيجابي لنا ولمحيطنا.

د. هاني حرب. باحث في جامعة هارفارد – US، باحث سابق في جامعة فيليبس ماربورغ – ألمانيا

 

اقرأ أيضاً

الديمقراطية إذ تدافع عن نفسها

المحكومون بالخوف

استطعنا وفعلنا

عذراً، فأنت لاجئ “فوق المواصفات المطلوبة”

إقليم كتالونيا: مع أو ضد مدريد؟

تقاليد أهم الأعياد في ألمانيا: مهرجانات، كرنفالات، واحتفالات في الشوارع