in

صباحات سورية .. قصص من بيت الحكايا

استضافت “سيدة سوريا” في برلين عرضاً من بيت الحكايا السورية تحت عنوان صباحات سورية، حيث تابع الفنان المسرحي السوري بسام داود في هذه الأمسية القصصية مشروعاً يحيي فيه تقليد الحكواتي، ولكن عبر حكاياتٍ يروي أصحابها ما عاشوه من قصص في سوريا. شارك في العرض وسرد الحكايا كل من السيدة فاتن عبيد، القاصّة تغريد دواس والمهندس فراس اليونس، مع موسيقى الفنان أثيل حمدان.

التقت أبواب بالفنان بسام داود حيث تحدث عن مشروع بيت الحكايا، الذي يهدف لخلق مساحة لمشاركة القصص الشخصية ما بين الراوي والمتلقي، موضحاً أن هذه المساحة مفتوحة لكل شخصٍ يحب أن يشارك قصصه مع الجمهور ويروي تجارب عاشها للآخرين، ويكون بمثابة الحكواتي وذلك ضمن عروض يحمل كل منها عنواناً مختلفاً. هذه المرة روى المشاركون حكاياتٍ عن صباحاتهم السورية، وفي عرضٍ سابق روى آخرون قصصاً عن البدايات الجديدة تحت عنوان “نقطة. أول السطر”.

أما عن كيف يتم تقديم أو سرد هذ الحكايا فقد شرح الفنان داود لأبواب بأن كل شخص يقدم قصته بنفسه، لأن غاية المشروع هي تشجيع الناس على التعبير عن مكنوناتهم، ليس فقط بكتابة القصص وإرسالها وإنما بأن يقوموا بأنفسهم بروايتها للناس، فيتمكنون بذلك من الإحساس بالكلمة وإيقاعها والتقاط رد فعل الجمهور وتفاعله بشكلٍ مباشر، فلا أحد سيروي قصصهم بنفس الصدق.

قصصنا نرويها في العلن

وعن بدء المشروع وطريقة التواصل مع الناس سواء كرواةٍ للقصص أو متابعين لها يقول داود أن المشروع بدأ منذ سنة ونصف تقريباً، وقدمت فيه عدة ورشاتٍ وأمسيات كجزء من مشاريع وأنشطة ثقافية أخرى، حيث قدمت أمسيةً على الأقل لبيت الحكايا كل بضعة أشهر، ولكن يبقى العمل على تطوير المشروع ليصبح أكثر توثيقيةً لقصص الناس في المستقبل مستمراً.

من ناحية أخرى يوضح الفنان إن الأصعب هو أن ندعو الناس إلى “الحكي”، فالناس غير معتادة وليست لها الجرأة للحكي في العلن، ومشاركة قصصها مع الغرباء، إلا أن مشاركة البعض شجعت غيرهم، إضافةً إلى دور السوشيال ميديا في نشر الفكرة والدعوة إلى الأنشطة والورشات المختلفة، وفي النتيجة يساهم أشخاصٌ لديهم فعلاً القدرة على الكتابة والتعبير عن أفكارهم بطريقة سلسة وواضحة، وهنا نحاول أن “ندربهم على طريقة إلقاء القصة أمام الجمهور بالحدود البسيطة بطريقة منطقية ليتمكنو من توصيل مشاعرهم”.

الحكايا تروى للسوريين والأوروبيين معاً

الهدف من المشروع بالعموم كما يقول داود هو إتاحة الفرصة للناس للتعبير، فمشاركة القصص هي خطوة ليعبر الإنسان عن نفسه ومشاعره ويشارك قصته مع الآخرين وهذا يمكن أن يكون جزءًا من الدعم النفسي الذي نحتاجه جميعاً، إذ لا ننكر أن أغلبنا مصابون برضوضٍ نفسية على إثر التغيرات التي طرأت على حياتنا، لذلك نحتاج أن “نحكي” ونعبر حتى نقفل صفحة ونبدأ صفحة جديدة، بعد أن نتمكن من تفريغ دواخلنا ومن ثمّ نعرف تماماً ماذا نريد. ويشير الفنان إلى أن تجاوب الحضور يؤكد على تحقق هذا الهدف في بعض الحالات، وعلى سبيل المثال عبّرت سيدة من الحضور عن أن هذه التجربة فتحت لها نافذة على عالمٍ ما كانت تعرفه.

من جهة أخرى يهدف مشروع بيت الحكايا حين يتوجه إلى الجمهور الألماني والأجنبي عموماً إلى تسليط الضوء على تفاصيل إنسانية عاشها السوريون، فهم هنا لا يروون قصصاً عن الحرب والثورة، وإنما عن الإنسان السوري الحقيقي وتجاربه في سوريا، لتوصيل حقيقةٍ مفادها أن ما يجري في سوريا ليس مجرد صراع دول ومصالح، بل إنسانٌ تعرض على مدى ما يزيد عن خمسين عاماً، لقمع حريته وعقله وقدرته على العطاء، وهذا ما يجب إيصاله للجمهور الألماني، حتى لا يتم التعامل مع السوري على أنه مجرد شخص فار من الحرب أو محبط لتحول ثورته إلى حرب، لاسيما أن الأخبار العالمية تكتفي بالحديث عن الحرب والتطرف وداعش، مع تجاهل الإنسان والشعب الذي ثار ضد نظامٍ قمعي قاتل. ولهذا يهتمّ المشروع بتقديم إضاءات على زاوية من زوايا الحياة والمجتمع السوري في كل أمسية.

وأهمية ذلك بحسب داود، تكمن في أن الإنسان الأوروبي لم تكن حياته يوماً تتقاطع مع حياتنا كسوريين، حتى ظهرنا فجأةً على شاشات التلفزيون ونشرات الأخبار وأصبحنا جزءاً من حياتهم. ويقول “نريد على الأقل أن نعرّفهم بالخلفية التي جاء منها هذا الإنسان وكيف كان يعيش”، وليفهموا “لماذ يعبر السوري عن أن أزمته الحقيقية ليست في داعش وإنما هي النظام الذي أسس لحالة عالية من التطرف، لاسيما أن المجتمع السوري لا يمكن أن يكون حاضنة لتنظيم مثل داعش فالإسلام السوري هو إسلام اجتماعي معتدل وليس متطرف راديكالي”.

أغلب الأنشطة تتوجه لفئاتٍ متشابهة، ولكن كيف يمكن التوجه للناس الذين لا يتوجه إليهم أحد؟

أكد الفنان على الترحيب باختلاف وتعدد وجهات النظر لأن هذا يعبر عن سوريا الملونة والمتعددة الخلفيات، ولكن للأسف حتى الآن كان المشاركون تقريباً ذوو توجهات متشابهة سياسياً واجتماعياً وثقافياً، ويؤكد على أنه يتمنى أن يشارك أشخاصٌ بتوجهاتٍ مختلفة طالما أنهم لا يؤيدون القتل والديكتاتورية، وهذا يمكن أن يكون جزءًا من العمل على خلق مساحة تجمع بين الأطياف المختلفة، عسى أن يتمكنوا من الحوار بعيداً عن المواجهات العنيفة.

ويشير أيضاً إلى أن كثيرين ممن ينتمون إلى أطياف متفاوتة وعياً وثقافةً دينية واجتماعية،ربما لا يعرفون بمثل هذه الأنشطة والمشاريع، فقد بات الناس يعيشون ضمن دوائر متشابهة، لاتتقاطع مع بعضها . وهنا يوضح أنه يعمل مع مجموعة من الفنانين على مشروعٍ آخر يدعى “فيفاتشي” ، يقدمون من خلاله ورشات عمل في الموسيقا والقصة ومسرح خيال الظل، ويتوجهون من خلاله إلى الأشخاص الذين أنهوا مرحلة “الكامب” وبدؤوا الحياة خارجه وبالتالي أصبح لديهم فراغٌ ما بعد توقف الأنشطة التي كانت تقدمها المنظمات والجمعيات أثناء وجودههم في “الكامب”. وهذا الفراغ ينعكس بشكلٍ قوي على حياة الأطفال والمراهقين الذين وجدوا أنفسهم فجأة ما بين المدرسة والبيت دون أي أنشطة أخرى، سيما أن ضغوط الحياة تترك الأهل بدون تصورات حول ما يمكن أن يفعلوه.

من جهةٍ أخرى سيتم التوجه هذا العام أيضاً إلى “الكامبات” المهمشة والتي لا تتوجه إليها الكثير من المنظمات كمحاولة لأن “نذهب نحن إلى هؤلاء الناس الذين لا يعرفوننا ولا يأتون إلينا … ولكن لنعترف بأن الأشخاص غير الراغبين لن يأتوا مهما فعلنا”.

وعن مستقبل الحكايا السورية..

الخطوة المقبلة هي جمع حكايات الناس وترجمة قصصهم والتوجه بها للألمان، وهذه الخطوة تحتاج لبعض التفرغ لاحقاً. إذ رغم وجود العديد من الألمان بين الحضور إلا أنهم يمثلون الفئة المهتمة أصلاً باللاجئين، ولكن يجب التوجه أبعد من ذلك، مع التأكيد على أن المشروع مستمر مع استمرار حكايا الناس.

حاورته سعاد عباس.

 

“استثمار اللاجئين” فيلم عن الجانب الآخر للترحيب الأوروبي

سورمانيا راديو عربي-ألماني وأصوات ممزوجة بالحنين

بين اللجوء في ألمانيا ومتطلبات العمل السياسي، حوار مع أليس مفرج

 

الموسوعة الشاملة – دراسة المعلوماتية في ألمانيا وأنواعها

مهرجان فنون 2017، أيام فنية سورية في مدينة بريمن الألمانية