in

قلق اجتماعي وجودي كوروني: “والنبي يا تلامذة احنا غلابى”

قلق اجتماعي وجودي كوروني
قلق اجتماعي وجودي كوروني / مدرسة المشاغبين
  • أم برلينية يرتجف صوتها وهي تهاتف زوجها المحجور في كولون: جيل الروضات اليوم يتم تحضيره ليتباعد، هؤلاء الصغار سيكبرون على قاعدةٍ تحملهم مسؤولية حياةٍ أو موت، أطفالنا سيكبرون وحيدين. يا إلهي، كم شهراً مضى دون أن يتمكنوا من عناق جدتهم.
  • الأب بصوتٍ مرهق بملل: المهم أن يتعلموا. لن يعجز المربون والمعلمون عن ابتكار ألعابٍ تعليمية فردية ولن يتجاهلوا كل جهودهم عبر عقود لتحفيز العمل الجماعي وروح الفريق والتفاعل في قاعة الصف، هم فقط سيعدلونها قليلاً كي تتماشى مع الظروف الجديدة. هكذا يتطور العالم يا شاتزي.
  • لا تخاطبني بهذه الطريقة، لا أتكلم عن التعلم بل عن الحياة، كيف سيلعبون، وكيف سيتعلمون العطاء والحب، كيف سينظرون في عيون محدثهم ويفهمون الإيماءات والابتسامات ويتعاملون مع الملامح! 
  • حبيبتي أنتِ في ألمانيا، لا توجد الكثير من الملامح والابتسامات هنا.

فتاة سمراء متمددة على أريكتها تلف خصلات غرتها بيدها اليسرى بينما أصابع يدها اليمنى تتراقص بخفة على الواتسآب الأخضر على شاشة الموبايل: 

  • لا أحب الأونلاين، أنا سعيدة فقط لأنني غير مضطرة للاستيقاظ باكراً جداً لأعبر نصف المدينة حتى أصل إلى المحاضرة A picture containing drawing, lamp, lightDescription automatically generated وسأوفر بعض المال من أجل إجازة في أوروبا الواسعة A close up of a logoDescription automatically generated
  • لا أفهم لم أنتِ قلقة بهذا الشكل حيال دوام الجامعة  A picture containing drawing, lightDescription automatically generated
  •  A picture containing drawingDescription automatically generatedA picture containing drawingDescription automatically generated بل أنا لا أفهمك، ألا ترين أن كورونا ستضيّق هذه الأوروبا كثيراً، وقد تضطرين لقضاء إجازتك أونلاين أيضاً؟
    ثم كيف لا أقلق، لن يغمزني شاب في القاعة، لن أحب شاباً من أول أو عاشر نظرة ولن نتسكع بعد المحاضرات، ولن نحتفل في بار بعد التخرج  A picture containing drawingDescription automatically generated
  • أولاً، السياحة اقتصاد ومال وهذا لن يضيق، سنسافر حتماً  A picture containing sitting, lit, front, darkDescription automatically generated المطلوب الآن فقط ألا نحتك بالآخرين، نحافظ على مسافة أمان، وكمامة صيفية، وكتاب. وثانياً، أوقفي هذه الدراما أرجوكِ، فالقصص الغرامية هذه كانت إلى زوال بأية حال مع تطور التكولوجيا، كورونا فقط ستعجل بالمحتم  A picture containing drawingDescription automatically generated 

شابان في العشرينيات على مقعد في محطة القطار ينتظران الأوبان، الأول يحدق بشاشة موبايله بتركيز وإحدى سماعات أذنيه متدلية بينما الأخرى عالقة في أذنه الأخرى مع طرف الكمامة المتدلية تحت أنفه أيضاً، والثاني متكئ على ظهره وساقاه الطويلتان ممتدتان لمنتصف الرصيف، في نهايتهما شرابين بلونين مختلفين، وحذاء نايكي متسخ، يهز قدميه بشدة وكأنه يتكلم منهما:

  • تخيل يا رجل، مدرسة بدون قفز على المقاعد، بلا ذكريات مدرسية، بلا شغب، وجري وشد شعر. تتذكر كيف كنا نرمي الأقلام على الأرض لنختلس النظر أسفل تنورة المعلمة هههههه، أو تخيل مدرسة بدون انتظار البنات على الباب ومغازلتهنّ “يا حرام راحت هديك الأيام”
  • مممم، لا فرق، كان في مدرستي أساتذة فقط، وصبيان فقط، ومذ أصابتني الشظية توقفت عن القفز على المقاعد، وبعد التفجير الأخير، توقفت المدرسة أيضاً.

يعيد تثبيت السماعة الأخرى على أذنه بعد أن وجد ما كان يبحث عنه على موبايله.

  • الفتاة الواقفة بمحاذاتهما تنظر للأول باحتقار، ولا تتمالك نفسها أمام دهشته البريئة: متلصص، متحرش.. هذا ما علمتك إياه مدارسك المتخلفة؟! جيد أن في هذه البلاد قوانين لتمنع أمثالك من إيذائنا.

خالد ابراهيم. كاتب سوري مقيم في ألمانيا

اقرأ/ي أيضاً:

الأبيتور “ABITUR” في عالم الكورونا.. قلقٌ مضاعف وغموض على أعتاب الامتحانات الثانوية في ألمانيا

التعليم الجامعي من الحياة الواسعة إلى ما وراء الشاشات

“فكرة” مدرسة جديدة لتعليم اللغة العربية في برلين، بعيداً عن الربط التقليدي ما بين اللغة العربية والدين

شروط دخول الطلاب الأجانب إلى ألمانيا

شروط دخول الطلاب الأجانب إلى ألمانيا في ظل قيود السفر بسبب كورونا

أخبار ألمانيا: روبرت هابيك زعيم حزب الخضر الألماني

هل سيكون مستشار أو مستشارة ألمانيا في حقبة ما بعد ميركل من حزب الخضر ؟