in

شكراً من القلب.. رسالة من مريضة بسرطان الثدي

الصورة تعبيرية
د. نهى سالم الجعفري. طبيبة سورية مقيمة في ألمانيا

كنت في زيارة عائلية لأحد أقربائنا، لم نلتقِ منذ زمن بعيد ولكن شاءت الأقدار أن نجتمع هنا في ألمانيا. استقبلتنا سيدة المنزل بحرارة، جلست بجانبي وهمست (شكراً من القلب) لم أفهم المغزى ونظرت لها في حيرة، فاستدركت قائلةً أنت كنت أحد أهم أسباب شفائي من سرطان الثدي ، لقد كان لمقالك وقع كبير على نفسي وكان الخطوة الأولى في علاجي. وهذه حكايتها:

بدأت القصة عام 2017 بعد وصولي إلى ألمانيا مباشرةً، ذات صباح شعرت بكتلة في الثدي ، وعلى الفور توجهت للطبيب لأتأكد من وضعها، وهنا بدأت الرحلة، تنقلت من طبيب لآخر ومن أشعة إلى فحوصات لأصل في النهاية إلى طبيبٍ تعامل بأسلوبٍ في غاية الإنسانية مع ما كنت أشعر به من رهاب شديد وخوف من المجهول.

وصلنا لمرحلة أخذ الخزعة وكان انتظار النتيجة بمثابة سنين طويلة، وفي الموعد برفقة زوجي، بدأ الطبيب بكلمة أنت إنسانة مؤمنة، عندها أدركت مرضي قبل أن تنطق شفتاه به، الصراحة لم أندهش فقد كنت على يقين، فإحساسي لم يخنّي من قبل.

هنا قررت أن أنطوي على نفسي ولا أخبر أحداً بمرضي، حتى أولادي الذين أصبحوا بدورهم آباء وأمهات، حاول زوجي الحديث معي على الأقل ليشرح لي بعض الأمور خاصةً أنه عمل في الحقل الطبي، ولكني كنت أرفض وبشدة كأنني أحاول النسيان. 

في هذه الفترة تحديداً وقعت عيني على مقالة لكِ نُشرت في جريدة أبواب، تتحدث عن أهمية الحالة النفسية لمريضة سرطان الثدي وعن دورها الخطير في تقدم المرض من ناحية أو مقاومته وعلاجه من ناحية أخرى.

لا أنكر أن هذا المقال غير أسلوب حياتي نهائياً واستفدت من التجارب المذكورة في المقال، تمعنت بكلماتكِ وحفرتها بذهني، وقررت أن أعود لطبيعتي الحقيقية، فأنا لست من النوع الذي يستسلم بسهولة.

اتصلت بإحدى صديقاتي المقربات وأخبرتها بوضعي الصحي، بدأت بالبكاء، وأنا أهون عليها الأمر وأؤكد لها أنني في حالة جيدة وهو كغيره من الأمراض، ثم أخبرت أولادي بمرضي، شعرت بأنني أزيح صخرةً عن صدري وشعرت بارتياح وطمأنينة، فعلاً لم أعد خائفة.

ثم بدأت خطوة تثقيف النفس والتعرف على طبيعة المرض ومراحله، أصبحت أقرأ كل يوم واستمع لتجارب الأخرين. لم أشعر بهذه القوة من قبل أصبحت أملك أقوى الأسلحة.

ثم بدأ الأصعب من علاج كيماوي وما يحمله من ضعف للمناعة وتساقط الشعر، عدا عن الوهن والتعب والغثيان الدائم. ولكن لم أيأس لحظة وقررت اعتماد نظام غذائي صحي حتى أقوي جسدي ومناعتي، أتناول الخضار والفواكه بشكل أساسي، اعتزلت السكر، وبدأت بممارسة الرياضة يومياً، وكان صديقي الدائم المكسرات بالإضافة للعسل والحبة السوداء.

بعد أشهر اختفت الكتل الصغيرة نهائياً، وتم استئصال الكتلة الكبيرة بنجاح والحمد لله، ثم أتممت علاجي الإشعاعي بعدة جلسات كان آخرها في رمضان الماضي. تحسنت كثيراً وبدأ الشعر يغزو رأسي من جديد.

الآن لم يعد أي أثر للمرض في جسدي بفضل الله ومساندة زوجي الذي تحملني بكل حالاتي وكان العون والسند. فعلاً كلماتك كانت حقيقية بأن الزوج هو الأهم في حياة مريضة سرطان الثدي ، ودوره هو الأكبر، ولولا مساعدته لما استطعت الصمود.

إن تقديم المساعدة والحب والاهتمام من قبل الزوج والعائلة والأصدقاء له الأثر الأهم في تقبل المرض ومقاومته. ونصيحتي للجميع الاقتناع بأنه لا يوجد مرض مميت، ولا يوجد دواء قادر لوحده على الشفاء من المرض، فلا تيأسي ولا تستسلمي وقاومي حتى تهزميه، شكراً للدكتورة نهى لقد زرعت الأمل لدي وأصبحت أملك اليقين التام بأنني سوف انتصر.

ملاحظة: هذه قصة حقيقية وبطلتها من الواقع والغالبية العظمى من المقال على لسان صاحبتها، أشكرها من القلب للسيدة الفاضلة للبطلة الحقيقية التي استطاعت بإرادتها وعزيمتها التغلب على المرض وقهره.

كما أشكرها أنا أيضاً من القلب لأنها سمحت لي بنشرها لتعم الفائدة ويستفيد الجميع.

مواد أخرى للدكتورة نهى سالم الجعفري:

الدعم النفسي.. طوق النجاة لمريضة سرطان الثدي

تعيش في ألمانيا؟ إذاً أنت بحاجة إلى فيتامين (د)… وهذه هي الأسباب

أسباب السمنة المفاجئة…

السمنة المفرطة.. مرض العصر

“بعد ما شاب ودّوه الحساب”.. بدء محاكمة المجرم رفعت الأسد في باريس

مقتنيات لـ “هتلر” بين تذكارات للبيع في مزاد بألمانيا