in

رسالة للمشككين: “محمد صلاح” موهبة وليس طفرة

عبد الرزاق حمدون*

يحاول الكثير من الأشخاص التخفيف من مسيرة محمد صلاح تحت مسمّى “التطبيل” أو المراهنة على ‏أنه لن يستمر بهذا العطاء لمواسم قادمة، وهذا العام يقدّم طفرة كروية.‏

أتفهم فكرة هذه الفئة من المتابعين المبنية على أساس الملل من التهليل والتطبيل للنجم العربي من قبل ‏الجمهور المصري أو العربي على حدٍ سواء، وأتفهم أيضاً قولهم أن للمدرب الألماني يورغن كلوب ‏دوراً كبيراً بتألق ابن قرية “نجريج” المصرية، لكن أتوجه لهم بسؤال، هل تعلمون مسيرة صلاح الكروية ‏والرقمية؟ هل سمعتم كيف كان يتنقّل بالرغم من بعد المسافات وصغر سنّه لكي يلعب كرة القدم؟

قال لكم أحد أن صلاح كسر القاعدة المشهورة في مصر وهي المرور من محطّات “الزمالك أو ‏الأهلي” قبل التوجّه إلى أوروبا! هل تابعتم مشواره في أوروبا والتصاعد البياني في مستواه بدءاً ‏من بازل السويسري مروراً بفيورنتينا ثم روما وصولاً لليفربول؟ هل لاحظتم إصراره على العودة ‏القوية في المكان الذي شهد فشلاً ذريعاً له عندما كان لاعباً لتشيلسي؟ والذي ظهر معه بمناسبات ضئيلة ‏جداً لكنه لم يتأثر بذلك أبداً ولم ينسى حلمه وشغفه بالوصول للعالمية.‏

تصاعد المستوى البياني لصلاح تلخّصه أرقامه الفردية مع الأندية التي لعب لها، نجم مصر الأول سجّل مع ‏جميع الفرق التي لعب لها قبل ليفربول 43 هدفاً في 109 مباراة خاضها، عدا عن صناعته للأهداف ‏وتشكيله لثنائية مع البوسني إيدين دجيكو في فريق روما، ووصل فيه الحال في نادي العاصمة ‏الإيطالية أن يكون الذئب الأفضل في فريق الأباطرة الرومان وبشهادة من أسطورة روما الحيّة ‏‏”فرانشيسكو توتّي”.‏

عند وصوله لليفربول والعودة مرّة أخرى إلى البريميرليغ، كان صلاح على علم أن الفرصة لا تأتي ‏مرّتين في العمر، وإن أتت سيكون التفريط بها بمثابة انكسار لن يشفى منه بسرعة. لم يرم محمد عباءة ‏الإمبراطور الروماني بل دخل فيها مسرح الأنفيلد لينصّب نفسه ملكاً في مهد كرة القدم، وداخل ثنايا ‏ملعبٍ مرّ عليه العديد من أساطير اللعبة وجماهيره المعروفة بالوفاء لمن يعطي قميص الريدز كل ما ‏يملك من موهبة، لتؤلّف الأغاني التي تمجد بحياة الملك المصري، كما ترك بصمة كبيرة داخل المجتمع ‏الإنكليزي لتصل إلى التشبّه به في الناحية الدينية بالرغم من عنصرية البعض في أوروبا.‏

نعود لتطوّر صلاح المُفائل للمواسم القادمة، في هذا الموسم لمسنا زيادة شهيّته التهديفية وشهدنا ‏نضجاً في فكره الهجومي ومهارات جديدة أضافت الكثير لنجومية اللاعب المصري. سجلّه العالي مع ‏ليفربول وصل إلى 35 هدفاً في 39 مباراة لعبها بقميص النادي الإنكليزي، أي بمعدّل تقريبي هدف في كل 90 ‏دقيقة يلمس بها صلاح الكرة مع الريدز. رقمه اللافت ساهم في حصده لجوائز فردية عديدة خلال ‏الموسم الإنكليزي، منها لاعب الشهر سواء في ناديه أو على مستوى الدوري المحلّي، عدا عن فوزه ‏بجائزة أفضل لاعب أفريقي للعام الماضي.‏

ربما يكون توهّج صلاح الحالي يوحي بالطفرة ويخبئ خوف التراجع في المواسم القادمة، لكن مسيرته ‏الكروية وأرقامه القويّة وتطوّره السريع يعطي تفاؤلاً كبيراً بأن هناك فرعوناً مصرياً سينحت اسمه ‏ضمن أساطير اللعبة في أوروبا.‏

*عبد الرزاق حمدون. صحفي رياضي مقيم في ألمانيا

اقرأ أيضاً:

محمد  سندباد الكرة العربية… حكاية كفاح يحتذى بها

ثورة غيفارا منتظرة في الشوارع الأرجنتينية لأسباب رياضية!

الرياضة السورية.. عليكِ السلام

بعد انتهائها من امتلاك الأرض، الولايات المتحدة تبدأ بامتلاك القمر

بالفيديو: الشيخ حسين الحسيني: “باقي رجال الدين على بداوة وتخلف”