in

المرأة اللاجئة بين الزواج الديني والزواج المدني

صورة رمزية بعدسة جيم تراديو
مفيدة عنكير

تزوّجت السورية سماح  (34 عامًا) بمن تحب، ومثلها فعلت سلمى (26 عامًا)، وهما سوريتان دخلتا ”القفص الذهبي” باختيارهما. لا غصب ولا إكراه هنا في ألمانيا، لكن سرعان ما انتهى ”شهر العسل”، وأطلّت المشاكل برأسها، طفت على السطح بالجملة، فبات استمرار العلاقة مستحيلا. اليوم سماح مطلّقة، وسلمى معلّقة، كانتا ضحيتين جديدتين للزواج “الشرعي” غير المظلل بسلطة القانون!

لكن كيف تنتهك رابطة الزواج “الشرعي المقدس”؟ ولماذا؟ يجيب المسؤول عن شؤون الاندماج في مقاطعة فوربوميرن الألمانية إبراهيم نجار: ”الزواج الشرعي الإسلامي غير معترف به في ألمانيا، والزوج في حل عن أي التزام عند الطلاق”.
وبعد أن كثُرت حالات الطلاق بين اللاجئين في ألمانيا، وتنصّل الزوج من واجباته تجاه طليقته، ينصح الشيخ عبد الله إمام مسجد في مدينة إيسن (نتحفّظ على ذكر معلومات أكثر عنه)، بـ”حماية” الزواج الشرعي بالزواج المدني، حفظًا لحقوق المرأة في حالات الانفصال.

ضربتان على الرأس

وقعت سماح في ”حفرة الزوجية” مرتين، الأولى في سوريا انتهت بالطلاق بعد استنفاد كل فرص المصالحة، والثانية في ألمانيا انتهت كسابقتها، مشاكل متراكمة يتبعها صد ونفور، ولا طريق بعدها سوى الطلاق.
التقت سماح بأحمد في كامب مخصص لإيواء اللاجئين، بدأ بالتقرب منها والتودد إليها ومساعدتها، هكذا روت تجربتها المريرة، قبل أن تتابع سرد تفاصيل القصة ”أخبرني بأنه غير متزوج ويرغب بإكمال نصف دينه، وبأنني أعجبته كثيرًا، كان خبيرًا بفن الاطراء والتزلف”.
وتكمل سماح تتمة حكايتها مع الزوج ”المخادع” كما تصفه ”رفضت الفكرة في البداية، تجربة زواجي الأول الفاشلة كانت تحاصرني، لا أريد أن أفشل مجددًا، قلبي لن يتحمّل مزيدًا من الصدمات”. لكن أحمد أصر وألح في طلبه بإتمام الزواج تقول سماح، وتتابع ”أمام حبه الجارف الخادع، بدأ قلبي يرق ويلين، وقعت في الشرك ثانية، كنت وحيدة، فوافقت”.

تروي سماح أن أحمد أقنعها بالزواج “الشرعي” بديلا عن الزواج المدني، لأسباب عدة منها ”عدم حصولهما على الإقامة، أو امتلاكهما لجوازات سفر، وغياب إمكانية تسجيل الزواج رسميًا”.
لم تجد سماح بُدًا من الموافقة، على حد وصفها، قالت لنفسها ”عسى خيرا”، ثم وافقت على طلبه “دون أن أقبض منه مليمًا أحمر، اكتفيت بمؤخر قدره 1000 يورو غير مسجلة” بحسب تعبيرها.
تقول سماح إن مراسم الزواج انتهت بسرعة، شاهدان من رفقة الكامب، شيخ لعقد القران، حفلة بسيطة، وبعدها انتقلت لعش الزوجية الصغير، غرفة أحمد في الكامب.

بعد شهر تقريبًا على الزواج، أي مع نهاية ”شهر العسل”، ”أزال أحمد القناع عن وجهه، ظهر على حقيقته، اكتشفت أنه كان متزوجا ويريد لم شمل زوجته فور حصوله على الإقامة” تقول سماح.
مع ”الصدمة” الجديدة، وجدت سماح نفسها أمام خيار وحيد ”طلبتُ الطلاق وانفصلنا فورا”، لكنها تدرك أنها لن تحصل على شيء من “حقوقها”، الـ 1000 يورو “طارت” بحسب تعبيرها، ولا شيء مثبت رسميًا يلزمه بدفعها، ولا مواثيق مغلّظة، مجرد شهود لا تقدم شهادتهم ولا تؤخر، انتهت القصة وأقفلت القضية!

لا مطلقة ولا معلقة

لم تكن سماح أولى ضحايا الزواج “الشرعي” غير المسجل، ولن تكون الأخيرة، سلمى تروي قصة أخرى، تزوجت في ألمانيا بمباركة الأهل، كانوا شهودًا على زواجها، ومرة أخرى ”كتاب الشيخ” ولا شيء سواه. سرعان ما اكتشفت سلمى أن زوجها “على علاقة بامرأة أخرى” على حد قولها، طلبت الطلاق فرفض بإصرار، فهي حامل وهو ينتظر مولوده الجديد.
تقول سلمى إنها تقيم عند أهلها، لا مطلقة ولا معلقة ”كل محاولات أهلي لإقناعه بالطلاق باءت بالفشل”، لا شيء يجبره على فعل ذلك، الحالة خارجة عن مظلة القانون، وهي لا تستطيع رفع دعوى تفريق أمام المحاكم الألمانية، مصيرها متوقف على كلمة منه ”أنت طالق” وينتهي كل شيء.

مشكلة الزواج الشرعي!

يرجع إبراهيم نجار مشكلة الزواج الشرعي، وضياع حقوق المرأة في حالة الطلاق، إلى عدم اعتراف القانون الألماني بالزواج الإسلامي، وبالتالي غياب المظلة القانونية الحامية لهذا الزواج، لكن لماذا تنتشر ظاهرة الزواج الشرعي دونا عن المدني رغم المحاذير؟ يجيب نجار ”بسبب تأخر إجراءات اللجوء والحصول على الإقامة، وعدم وجود وثائق سفر في كثير من الحالات، ما يدفع الفتاة لقبول الزواج الشرعي غير الموثق”.

صورة رمزية – المصدر: Shutterstock

تعدد الزوجات ممنوع في ألمانيا

يقول الشيخ عبدالله إن كثيرين من اللاجئين يقصدونه بغرض عقد القران، ويضيف ”أدقق في الحالات كثيرًا، وأراعي ألا تكون الفتاة قاصرًا، وأن يكون معها أهلها أو أحد أقاربها”. ويؤكد عبدالله أن “بعض الحالات تكون فيها الزوجة ألمانية والشاب عربيًا مسلمًا، وحالات أخرى لزواج ثانٍ”، قبل أن يتابع ”في حالة الزواج الثاني يكون الشريكان مضطران لإخفاء أمر زواجهما عن الحكومة والزوجة الأولى، فتعدد الزوجات ممنوع في ألمانيا”.
يعقد الشيخ عبد الله ما بين عقد إلى خمسة عقود زواج شهريًا، ويقول ”أغلبهم يعلل سبب لجوئه للزواج الشرعي غير المثبت، بطول المدة التي يتطلبها تثبيت الزواج المدني، والأوراق والوثائق المطلوبة من الزوجين لإتمام إجراءات العقد، وأغلبها يجب أن يكون بتاريخ جديد، وهو ما لا يقدر عليه السوريون بسبب ظروف الحرب في بلدهم”.

الصحافية الألمانية يوليا كوربك: لدينا امرأة في منصب المستشارة، ولكن هذا لا يكفي

ما هو المسلسل الأكثر شهرة في ألمانيا؟