in

الزاوية القانونية : الإجراءات المتبعة في القانون الألماني لحماية المرأة

الإجراءات المتبعة في القانون الألماني لحماية المرأة من عنف شريكها…

جلال محمد امين*

بالرجوع إلى تاريخ تحرر المرأة، وتطور التشريعات التي منحت المرأة الأوروبية حقوقها في المساواة بينها وبين الرجل، نرى أن هذا التاريخ ليس ببعيد.

فحتى عام 1975 تقريباً لم تكن المرأة تستطيع العمل في ألمانيا دون إذن زوجها، وحتى عام 1992 لم تكن تستطيع العمل في المناوبات الليلية، أي ان هذه الدول وخلال أربعة عقود فقط، استطاعت التخلص من التمييز ضد المرأة بشكل تقريبي، رغم ذلك بقي القانون قاصراً عن تحقيق المساواة في الأجور بين الرجل والمرأة حتى هذه اللحظة.

إلا أن العنف الجسدي والنفسي والمعنوي بقي موجوداً رغم وجود تشريعات تمنع العنف ضد أي شخصٍ كان. ووفقاً لإحصاءات عام 2017، فقد بلغت عدد حالات العنف المنزلي في ألمانيا 133,000 حالة، 82% منها ضد النساء.
وهناك حوالي سبعين ألف امرأة أصيبت بإصابات خفيفة، 11,900 امرأة تعرضت لإصابات خطيرة، وحوالي 16,700 امرأة مهددة من قبل الزوج، وحوالي 7,600 امرأة ملاحقة من قبل الزوج أو الطليق، ومن ضمن 357 محاولة قتل توفيت 149 امرأة.

موقف المشرع الألماني من العنف ضد المرأة

القانون الألماني خرج من عقدة تخصيص المرأة بقوانين تمنحها الحرية. من خلال تقنين المساواة بين الجنسين في الدستور وفي كافة القوانين المرتبطة بحقوق الانسان. المادة الثالثة من الدستور الفقرة الثانية تنص على المساواة، كذلك المادة التي تنص على عدم التمييز بسبب الجنس وغيره.
على صعيدٍ آخر منحت المادة السادسة في فقرتها الرابعة المرأة كأم حقاً خاصاً، وهو قيام المجتمع بتوفير الحماية والرعاية لها. كما أن هناك مواد دستورية أخرى خاصة بالمرأة: مثل الفقرة الأولى من المادة 12 – أ التي تلزم الذكور فقط بتأدية الخدمة العسكرية في حالة الضرورة، والفقرة الرابعة من نفس المادة تجيز في حالة عدم تغطية الحاجة من الذكور، تكليف الإناث بالخدمات المدنية فقط، ولا يجوز بكل الأحوال إلزامهنّ بحمل السلاح.

أما القوانين الجزائية فلم تنص على عقوبات خاصة بالعنف ضد المرأة، لأن العنف معاقب عليه سواء كان الشخص المعنَّف رجلاً أم امرأة، وبالتالي فإن برامج حماية المرأة من العنف المنزلي ترتبط ببرامج اجتماعية تضعها الدولة لحماية المرأة والأطفال، ولذلك توجد مراكز ومنظمات متخصصة بحماية المرأة، ولا نرى مراكز مثلها للرجل، لأن الرجل هو سبب العنف المنزلي تبعاً للإحصاءات.
إلا أن هذه القوانين لم يتم نشرها واستيعابها بشكلها الصحيح بين المهاجرين واللاجئين، كما أن كثيراً منهم لم يتقبلوها، لذلك نرى أن التعدي على المرأة والعنف يزداد بين تلك الفئات.

ما هي الإجراءات القانونية التي يمكن اتخاذها للحد من العنف ضد المرأة؟

تستطيع المرأة التي تتعرض للعنف من قبل زوجها أن تتقدم بالشكوى ضده. وفي حال قيامه بتهديدها بما يعرض حياتها للخطر، فإن الدوائر المختصة في الدولة تتخذ إجراءات هامة لحمايتها من الخطر المتوقع من الرجل، زوجاً كان أم صديقاً. ومن هذه الإجراءات:

  • أن يصدر قرار بمنع الرجل من التواجد في منطقة سكن الزوجة لفترات مختلفة أو دائمة، أو أن تحدد المسافة التي لا يجوز له الاقتراب منها ضمنها.
  • يمكن أن توضع المرأة في مبنى خاص بالنساء (frauenhaus) المعرضات للعنف، ومعها أطفالها إن وجدوا، وهناك تستطيع أن تقدم طلب حظر المعلومات تجاه أي شخص كان للحفاظ على حياتها، وهي ملزمة أيضاً بعدم إعطاء معلومات عن المكان التي تتواجد فيه تحت طائلة الطرد، لأنها بذلك قد تعرض حياة الآخرين للخطر.

ومن أضرار هذه الحالة، التغيير المفاجئ في النظام الدراسي للأطفال، ولا سيما أن معظم هذه الأماكن الخاصة بالإيواء تكون في أطراف المدن، أو إذا لم تتغير المدرسة، فيستطيع الزوج مراقبة الأطفال وتتبعهم إلى الزوجة لإيذائها.
ومن ناحية أخرى هناك مراكز استشارية للنساء اللواتي يتعرضن للعنف، ويخشين التقدم بشكاوى إلى اقسام الشرطة الألمانية.

ويجدر بالذكر ان حماية المرأة لا ترتبط بقيامها بالتقدم بالشكوى، بل يكفي أن يقوم الجوار بإبلاغ الشرطة بمجرد حدوث شجار في المنزل أو سماع أصوات مريبة، وحينها تحضر الشرطة، وتقرر في بعض الأحيان نقل المرأة والأطفال إلى أماكن آمنة، أو العكس، تعمل على منع المعتدي من الاقتراب من منزل العائلة.

كما لا بد من التوضيح، أن العنف ضد المرأة لا يقتصر على الضرب والايذاء الجسدي، بل يتعداه إلى العنف اللفظي النفسي والقمع، يضاف إليه التهديد بالمنع من شيء أو الإلزام بالقيام بشيء معين.
وتستطيع المرأة التواصل مع مراكز حماية المرأة في ألمانيا، إذا لم يكن الاتصال بالشرطة حاجة ملحة. كما يمكن الاتصال بالرقم 110، أو البحث في الإنترنت عن مواقع استشارية لحماية المرأة في منطقتها:
Gewalt gegen Frauen
Frauenhaus
وتكتب بجانبها اسم المدينة التي تقطنها

كيف تتم إجراءات حماية المرأة من عنف شريكها؟

تقوم المراكز الاستشارية بالتواصل مع مراكز إيواء النساء المعرضات للعنف، ثم يقوم أحد الموظفين باصطحاب المرأة إلى المركز دون أن يصرح عن المكان والوجهة، ولا يسمح حتى لموظفي المراكز الاستشارية بمعرفة المكان. وبعد الوصول تستطيع المرأة أن تطلب الاتصال بالشرطة والتقدم بشكوى، أو أن تطلب حظر المعلومات عن أي شخص يسأل عنها. ويتم نصح المرأة بعدم إعطاء العنوان لأحد خوفاً على حياة باقي النساء.

وتبعاً لما تقدم، يبدو أن نسبة العنف ضد المرأة قد تنخفض نتيجة الجهود المبذولة، إلا أن قيام المرأة بالتقدم بالشكاوى مراراً وتكراراً، والعودة إلى زوجها كل مرة دون استشارة المراكز المتخصصة، يجعلها في المرات اللاحقة في وضع غير موثوق بكلامها، مما يقلل تصديقها في إفادتها.

جلال محمد امين – محامي ومستشار قانوني سوري مقيم في ألمانيا

خاص أبواب

اقرأ/ي أيضاً:

الزاوية القانونية: ما تحتاج لمعرفته عن طبيعة الجوب سنتر – حقوق وواجبات

تبعات مراجعة السفارة السورية في ألمانيا؟ وهل يترتب على ذلك إلغاء الإقامة بالنسبة للاجئ؟

” Jugendamt – يوغندأمت / دائرة رعاية الشباب” اختصاصاتها ودورها في رعاية الأسرة

الزاوية القانونية: اللاجئون في ألمانيا مع اقتراب سنتهم الخامسة، كيفية الحصول على الجنسية الألمانية

الزاوية القانونية: زواج وحقوق وواجبات القاصرين في ألمانيا

القبض على الفتاة السعودية التي “جاهرت بالمعصية” تحدياً للسلطات السعودية

بين ثورتين : واحدة مهزومة وأخرى مستحيلة