in ,

الزاوية القانونية: إليك كل ما تحتاج لمعرفته عن إلغاء العقود وفق القانون الألماني (التراجع عن العقد)

جلال محمد أمين. محامي ومستشار قانوني سوري مقيم في ألمانيا

هل تورطت بعقد لم تحسب له حساب؟…
كثيراً ما يتورط اللاجئون والمهاجرون المقيمون في ألمانيا بعقودٍ مع شركات الإنترنت أوالهواتف النقالة، حيث تقوم تلك الشركات بإبرام عقود سنوية عن طريق وكلائها أو مندوبيها (أمام الأبواب) أو موظفيها (عن طريق الهاتف)، مستغلةً عدم إتقانهم للغة الألمانية.

وفي هذه العقود شيءٌ من الاحتيال المخفي حيث أن البائع لا يذكر حقيقةً طبيعة العقد والالتزامات المترتبة على المتعاقد، بل يوضح الإيجابيات فقط، وقد يذكر المبلغ الشهري الحقيقي لإحدى الخدمات ولا يذكر قيمة الخدمات الأخرى، لكي يتشجع المشتري لإبرام العقد.
ومعظم هذ العقود تتم ضمن المنزل بحيث يأتي شخص أو شخصان من شركة ما ويعرضون خدماتهم بخصوص الإنترنت والهاتف وشبكات التلفزيون، مستغلين عدم الإلمام باللغة الألمانية وعدم القدرة على فهم العقد، فيتم التعاقد على أن يدفع الشخص مثلاً 20 يورو شهرياً ثم يفاجأ بقيمة أكبر للقسط الشهري.

نعلم في قوانيننا أن العقد لا يمكن التراجع عنه إلا بسبب التدليس أو الاحتيال الخ …. إلا أن الوضع مختلف في ألمانيا فالمشرع الألماني ومنذ البداية أراد دائماً حماية المستهلك، فأعطى في العقود المتعلقة بالأمور الاستهلاكية الحق للمشتري أو المشترك في إبطال العقد خلال مدة معينة حتى لو لم يكن هناك غش أو تدليس.

المستند القانوني للإلغاء

تجاوز مبدأ “العقد شريعة المتعاقدين”:
المستند القانوني لإلغاء العقد هو المادة 355 من القانون المدني والمتعلقة بحماية المستهلك، وهذه المادة تخالف الأساس القانوني في القانون المدني ( العقد شريعة المتعاقدين) أي يمكن التنصل من العقد ضمن المدة المحددة.

مدة الإلغاء:
يستطيع الشخص الذي أبرم العقد أن يلغيه خلال 14 يوماً من تاريخ وصول العقد إليه إذا وصله عن طريق البريد الإلكتروني أو البريد، أو من تاريخ العقد إذا كانت تعليمات الإلغاء موجودة ضمن العقد، وهذا يعني أنه إذا تم التعاقد عن طريق الهاتف أو الإنترنت ووصل الطرد البريدي ولم يتضمن رسالة فيها التعليمات فان المهلة لا تبدأ إلا بوصولها.
ويبدأ حساب المدة من ثاني يوم من وصول التعليمات إلى المتعاقد، إلا إذا كان ثاني يوم هو يوم عطلة فيبدأ الحساب من أول يوم يلي العطلة

ومن الضروري جداً أن يطلب الشخص من الشركة التأكيد على وصول التنصل من العقد أو إلغائه ولذلك من الأفضل إرساله عن طريق الفاكس أو البريد المضمون.
طبعاً يشترط القانون على المقاول أو البائع أن يشرح للمشتري طبيعة وطريقة إلغاء العقد بشكل كتابي إلا ان المشتري في الكثير من الأحيان لا ينتبه لهذه النقطة.

شكل الإلغاء:
لا يوجد للتنصل شكل معين أو صيغة معينة، ولا يشترط في التنصل ان يكون مبرراً أي لا تستوجب كتابة الأسباب. فالشخص يستطيع أن يطلب إبطال العقد دون ذكر الأسباب ولكن يجب أن يكون كتابياً واسمه Widerruf.

أكثر العقود التي يقع المقيم ضحيتها لعدم إتقان اللغة:

  • العقود المنظمة أمام المنزل عن طريق المندوبين 
  • العقود المنظمة من خلال المكالمات الهاتفية

كثيراً ما تعتمد الشركات على الموظفين الجوالين الذين يتقنون اللغات الأخرى (كالعربية والتركية) وهم يتجولون بين المنازل ويحاولون إقناع الناس بالتخلي عن العقود السابقة (الكهرباء-الغاز-الانترنت) ويعرضون اسعاراً أقل، وبنفس الوقت يخفون حقيقة العقود وماهيتها والدفعات الإضافية التي يجب أن تدفع لا سيما لدى الاشتراك عن طريقهم بمجموعة خدمات مع الانترنت.

ويعطون صاحب المنزل بطاقاتهم وأرقام هواتفهم لزيادة الاطمئنان، وعند توقيع العقد يتعهد الشخص بإرسال نسخة عن العقد إلى المنزل أو عن طريق البريد الإلكتروني.
تتقصد هذه الشركات إرسال أي وثيقة تتضمن رقم العقد بعد مرور 14 يوماً كي لا يتمكن الشخص من التراجع عن العقد، أو أن ترسل صورة عن العقد عن طريق البريد الإلكتروني مع مرفقات كثيرة وتعليمات قد لا ينتبه لها المتعاقد إلا بعد وصول أول فاتورة له.

وقد يفاجأ الشخص بأن الفاتورة بلغت 80 يورو مثلاً مع أن المندوب أخبر المتعاقد أن سعر الخدمات كلها 20 يورو فقط، وحينها لا يستطيع التنصل بعد مضي فترة 14 يوماً.
لذلك ينصح بعدم التعاقد مع المندوبين الجوالين ولا عن طريق الهاتف والاعتماد على شخص يتقن الألمانية عند التعاقد في مركز الشركة.
وللأسف بمرور 14 يوم من وصول التعليمات دون القيام بالإلغاء يلتزم الشخص بالدفع حتى انتهاء العقد ومعظم العقود تتراوح بين السنة والسنتين.

لم تنتهِ المشكلة بعد:

هناك مشكلة أخرى وهي إذا لم يقم المتعاقد بطلب إنهاء العقد قبل ثلاثة اشهر من تاريخ نهايته فإن العقد يمدد تلقائياً لسنة أخرى، وهذه التعليمات أيضاً لا يذكرها البائع أو الشركة لكنها موجودة في التعليمات أو في العقد نفسه. لذك ينصح بالإنهاء بمجرد التعاقد وخاصةً في مجال خطوط الأجهزة النقالة. وهذا ما يسمى kündigung

أما الحالة الثانية فهي أن الشخص قد يكون زبوناً لشركة ما ويأتيه اتصال من الشركة وتبدأ العروض بلغة ألمانية سريعة قد يفهم الشخص جزءًا منها، وبمجرد أن يقول نعم تنتهي المكالمة وهنا يتم إرسال إيميل أو رسالة ويفاجأ الشخص بوصول طرد بريدي فيه هاتف مع خط أو جهاز راوتر.
وهنا من الضروري جداً إعادة الطرد مباشرةً، والاتصال بهم وإبلاغهم أنك لم تطلب أي شيء أو قد يكون مرفقاً بالعقد نموذج للإلغاء فيجب ملء هذا النموذج وإعادة إرساله.

احتيال بشكل آخر:

يجب الانتباه إلى الفاتورة الشهرية بانتظام، فالشركات تتقصد إدراج زيادات في الفواتير الشهرية فإن علم بها الشخص اعتذروا واعادوا له المبلغ وإن لم يشعر به فقد ربحوا تلك الزيادة، طبعاً هذه الزيادة قد تكون ضئيلة كي لا تشعروا بها ولكن..

مثال:
شركة هاتف نقال لديها مليون خط خليوي وأضافت 1 يورو لمليون مشترك فقط، فكم شخص ممكن أن ينتبه لهذا المبلغ ويذهب ويراجع؟على فرض نصف المشتركين انتبهوا، فيكون الربح الشهري نصف مليون يورو شهرياً.

زوايا قانونية أخرى:

الزاوية القانونية: التزوير الجنائي في القانون الألماني – التذكرة الشهرية مثالاً

الزاوية القانونية: ما بين السوسيال والجوب سنتر… أسئلة وأجوبة حول المعونات الاجتماعية وفق قانون التشريعات الاجتماعية

الزاوية القانونية: موقف القانون الألماني من التنمر في المدارس… العقوبات والمسؤولية المدنية والجزائية

افتتاحية العدد 43: صعود حزب الخضر، قراءة سريعة لمستقبل محتمل لألمانيا

أتراك وسوريون يتضامنون مع اللاجئين في تركيا من خلال حملة “لا تلمس أخي”…