in ,

الروائي الفلسطيني ربعي المدهون في المهرجان العالمي للأدب

ربعي المدهون

خاص أبواب – برلين

شارك الروائي الفلسطيني ربعي المدهون في المهرجان العالمي للأدب الذي أقيم في العاصمة الألمانية برلين في السابع من شهر أيلول سبتمبر، واستمر إلى السابع عشر من الشهر ذاته.

وقرأ المدهون فصلاً من روايته “مصائر/ كونشيرتو الهولوكوست والنكبة” الحاصلة على الجائزة العالمية للرواية العربية (البوكر)، بينما قرأ توماس هوفمان الترجمة الألمانية التي أنجزها المترجم الألماني د. جونتر أورت.

محاولات لمنع تنظيم الندوة

قبل الندوة بيومين، شنت صحيفة (دي فيلت) الألمانية هجومًا ضد المدهون. آلان بوزينر صحفي بريطاني ألماني من الموالين لإسرائيل، حاول منع تنظيم الندوة ضمن فعاليات المهرجان. انتقد الصحفي آلان بوزينر إدارة المهرجان، لاستضافة من وصفه بـ “ناكر حق إسرائيل في الوجود”، وشن بوزينر، هجومًا حادًا على المدهون في مقاله الذي حمل عنوان: “الثغرة الصغيرة في حياة كاره إسرائيل”.

واتهم بوزينر إدارة المهرجان باستضافة فلسطيني كان على علاقة بتنظيم يساري إرهابي في سبعينيات القرن الماضي، ارتكب ما سماها “أعمالاً إرهابية ضد إسرائيل”، وقام بإخفاء جانب من حياته، واتهمه بالمساواة بين الهولوكوست والنكبة، كما طالب إدارة المهرجان بإلغاء الندوة المقامة له في إحدى قاعات المهرجان .

رد مدير المهرجان

الندوة لم تلغَ، ومع بداية الندوة، حضر مدير المهرجان السيد أورليش شرايبر، وافتتحها بكلمة قصيرة، رد فيها على الصحيفة والكاتب، وعلى الاتهامات التي وجهت للمهرجان وللمدهون.

ربعي المدهون: أنا أكبر من دولة إسرائيل

المدهون دخل القاعة والتوتر يبدو على وجهه، إذ كان يتوقع أن تكون الندوة عن الأدب واللغة والرواية إلّا أن هذا الهجوم الصحفي ضده، وافتتاح الندوة بكلمة السيد شرايبر، والسؤال الأول من المحاور حسين الموزاني، سحب الندوة إلى السياسة وإلى الصراع العربي الإسرائيلي، سأل الموزاني سؤاله الأول: ماذا تعني لك فلسطين بعد كل هذه الفترة وبعد خروجك من بيروت وحصولك على الجنسية البريطانية؟

أجاب المدهون: “أنا فلسطيني التكوين والهوية والمزاج والعواطف والأفكار والأيديولوجيا والانتماء، بريطانيتي هي مواطنة، كما يوجد مواطنون في أراضي الـ 48، هذه حقوق مواطنة”.

وتابع صاحب كونشيرتو الهولوكوست والنكبة: “أنا ابن النكبة عام 1948. ولدت عام 1945، وكما قال غسان كنفاني ذات مرة: “أنا أكبر من دولة إسرائيل”. أنا ابن مذبحة خان يونس عام 1956 عندما احتلت إسرائيل قطاع غزة في حرب السويس، وذهبت أتفقد الجثث التي بقيت يومين في الشوارع، وبينها جثة الطفل محمد زقوت 14 سنة صديقي الشخصي. أنا ابن حرب عام 1967. أنا ابن حرب أيلول الأسود في الأردن”.

ربعي المدهون: أنا مشرّد بسبب النكبة

يقول ربعي المدهون في معرض حديثه عن تشرّده: “أنا الذي بسبب النكبة مشرد في البلاد التالية: ثلاث سنوات في مسقط رأسي مجدل عسقلان، ست عشرة سنة في مخيم خان يونس، سنتان في القاهرة، أربع سنوات في الإسكندرية، أربعة شهور في الأردن، سنتان في دمشق، سنتان في بغداد، سنة في موسكو، خمس سنوات في بيروت، اثنتا عشرة سنة في قبرص، أربعٌ وعشرون سنة في لندن”.

المدهون، ابن الطرد والسجن في القاهرة، والاعتقال في سوريا، والتعذيب في عهد الأسد الأب: يقول للحضور: “أنا لم أملك جواز سفر في حياتي، كل هذا بسبب حرب 1948 والنكبة. أول جواز سفر امتلكته هو الجواز البريطاني، كيف يمكن أن أخرج من كل هذا وأكون شخصًا آخر. هذا هو ربعي، أنا الروائي والمشرد والباحث والسياسي والمكافح من أجل قضيتي، أنا نتاج كل هذه المسيرة”.

ربعي المدهون: نعم أنا أنسنت اليهوي والفلسطيني في روايتي، كلاهما إنسان.

وتابعت الندوة بعد القراءة في السياق ذاته، فافتتح حسين الموزاني الأسئلة بسؤاله: بعد هذه الرواية، هناك الكثيرون من الفلسطينيين قد ناصبوك العداء، وأنك أنسنت العدو، هل لديك رد على هذا؟

أجاب المدهون: “هذا كان متوقعًا وطبيعيًا، من عادتي أن أقتحم كل المناطق الخطرة في الصراع، لكي أطرح على الاسرائيليين والفلسطينيين، الأسئلة التي يحاول الطرفان عدم طرحها، لأن حل الصراع لا يمكن أن يتم دون فهم عميق لهذه الأسئلة. الكتابة بالنسبة إلي موقف إنساني، نعم أنا أنسنت اليهودي والفلسطيني، كلاهما إنسان، وهذا ضروري فنيًا لأية رواية لكي يعطي مصداقية عميقة لنصي، ويكون مقنعًا لقارئه، ولكنني تركت الشخصيات بعيدة عن سيطرتي، وكل شخصية إسرائيلية أو فلسطينية تصرفت وفقًا لسماتها، وهذه أحدثت إشكالية أخرى لأنها تبتعد عن الشعارات والأيديولوجيا والسياسة المباشرة”.

المدهون: لا أريد للفلسطينيين والإسرائيليين أن يعيشوا في الماضي.

وعند سؤال صحيفة أبواب لربعي المدهون عن المقال الذي كُتب ضده في صحيفة دي فليت وعن حساسية قضية إسرائيل في ألمانيا، أجاب:

“أنا لست ألمانيًا، ولكنني أحترم الديمقراطية والقانون، عندما كتب السيد بوزينر مقاله، صادر حقي قبل أن يقرأ رأيي وقبل أن يقرأ الرواية، هو يعيش في الماضي، وأنا كتبت هذه الرواية لأنني لا أريد للفلسطينيين والإسرائيليين أن يعيشوا في الماضي، أنا اتطلع إلى مستقبل إنهاء الصراع وومستقبل التعايش، وتحقيق العدل للجميع.

أي يهودي يستطيع خلال خمس دقائق حجز تذكرة إلى تل أبيتب وبمجرد وصوله يصرخ “أنا مهاجر جديد” ويعلن أن هذه أرضه منذ ألفي عام، فليعذرني السيد بوزينر هل يضمن لي هذا الحق؟ هل تضمن إسرائيل لي هذا الحق؟ أنا ولدت هناك وأهلي دافعوا عن الأرض وزرعوها لأكثر من ألفي عام، ولا أستطيع العودة! العودة لليهودي لأنه يهودي فقط، هي حق عنصري، تسقط عنه هذه العنصرية عندما يصبح لربعي المدهون وبقية الشعب الفلسطيني حق مماثل بالعودة وهم أصحاب الأرض. باختصار ما كتبه السيد بوزينر هو إقصاء وقح لوجهة النظر الأخرى.

وعند سؤاله عن الشباب اليهود أجاب: “للأسف هم يتعلمون أشياء غير صحيحة، وأن التاريخ بدأ عام 1984 وقبل ذلك ثقب أسود لا أحد يعرف عنه شيئا، وأن اليهود الذين كانوا هناك قاتلوا الاحتلال البريطاني وأقاموا الدولة. وبالتأكيد هذه التربية تخلق كراهية، ولذلك لا نستغرب تصاعد الفكر اليميني العنصري في إسرائيل. شخصيًا أخاف على هذا الجيل الإسرائيلي من أن يتحول إلى داخل إسرائيل نفسها وليس ضد الفلسطينيين فقط، انظروا للأخبار، المستوطنون يعربدون داخل الأراضي الفلسطينية، وبدؤوا يعربدون داخل إسرائيل ضد اليهود. الصورة قاتمة، لذلك نأمل أن نعمل بكل صبر من أجل خلق جيلين فلسطيني وإسرائيلي أقرب لفهم قضاياهم وأقرب للسلام. وعلى الشباب الإسرائيلي أن يعمل في هذا الصدد، لأنه في النهاية أيضًا سيدفع الثمن على أيدي يهود وليس على أيدي فلسطينيين. إسرائيل تذهب باتجاه ديني، ببساطة، كما يؤدي الإسلام المتطرف إلى داعش وتوابعها، تؤدي اليهودية المتطرفة إلى الشيء نفسه، كل تعصب يؤدي إلى التطرف.

مواضيع ذات صلة

“مصائر: كونشرتو الهولوكوست والنكبة” للفلسطيني ربعي المدهون تفوز بالبوكر

د. محمد شحرور: وقل اعملوا

جائزة نوبل للطب لعام 2016 الى الياباني يوشينوري اوسومي