in

المسلمون في إيطاليا: لا مساحات كافية لهم في مقابر البلاد لدفن موتاهم

المسلمون في إيطاليا لا يجدون مساحات كافية لهم لدفن موتاهم
المسلمون في إيطاليا لا يجدون مساحات كافية لهم لدفن موتاهم / Foto: Emrah Gurel/Copyright 2020 The Associated Press

شهد المسلمون في إيطاليا كغيرهم تسجيل العديد من الوفيات في صفوفهم جراء كفيروس كورونا الذي ضرب البلاد بشدّة. لكن تضاعف ألمهم بسبب عدم وجود مساحة تكفي لدفن موتاهم.

ويدعو المسلمون وأئمتهم وقادة الجالية المسلمة حالياً لإقامة المزيد من المقابر الإسلامية أو تخصيص مساحة إضافية لهم في مقابر البلاد إذ يوصي عدد متزايد منهم بدفنهم في بلدهم إيطاليا.

وقال إمام مسجد “ميلانو سيستو” عبدالله تشينا لوكالة فرانس برس “اختبرنا الألم (الناجم عن الوباء)، لكنه تعمّق أحياناً عندما لم تجد بعض العائلات مكاناً تدفن فيه موتاها لعدم وجود أقسام مخصصة للمسلمين في مقابر المدن”.

وتوفي أكثر من 34 ألف شخص بفيروس كورونا المستجد في إيطاليا، معظمهم في الشمال الصناعي. وعُلقت حركة الطيران في العالم بشكل كامل تقريباً على مدى أشهر.

ونتيجة ذلك، لم يكن بالإمكان إعادة المسلمين الذين توفّوا بكوفيد-19 أو غيره من الأسباب إلى بلدانهم الأصلية، كما كان الحال في الماضي. وتسبب ذلك بارتفاع عدد طلبات الدفن وبالتالي اكتشاف أن لا مكان لهم في مقابر ايطاليا.

يبلغ عدد المسلمين في إيطاليا نحو 2,6 مليون أي ما يعادل 4,3 في المئة من سكان البلاد. ويعيش معظمهم في الشمال ويحمل 56 بالمئة منهم جنسية أجنبية في معظم الحالات من دول في شمال إفريقيا أو جنوب آسيا.

ولا توجد إحصاءات رسمية بشأن عدد المسلمين، سواء الإيطاليين أو الأجانب، الذين توفوا خلال فترة تفشي الوباء.

مستطيل من الحصى

وفي مقبرة بروزانو في ضواحي مدينة ميلانو الإيطالية، يحدّق مصطفى مولاي (في الخمسينيات من عمره) في قبر ترابي في القسم المخصص للمسلمين ضمن المقبرة الكاثوليكية.

ويتحدث عن وفاة زوجته (55 عاماً) بكوفيد-19 في السابع من نيسان/ أبريل قائلاً “إنها مشيئة الله”.

ويقول مولاي المولود في المغرب والذي يعيش في إيطاليا منذ 32 عاماً إن زوجته أصيبت بالفيروس في مستشفى بميلانو أدخلت إليه قبل شهر على ذلك، لإجراء عملية صغيرة في ساقها.

ولا توجد شاهدة على القبر الذي وضعت حصوات على شكل مستطيل حوله لتحديده.

وتبدو القبور الأحدث أفقر بشكل لافت مقارنة بتلك التي دفن فيها من توفوا قبل فيروس كورونا والتي تبدو دائمة بوجود حدود من الإسمنت ولوح رخامي في بعض الأحيان حفر عليه هلال.

لكن العديد من مسلمي إيطاليا اضطروا لقطع مسافات كبيرة لدفن موتاهم أو ترك الجثث لأيام في المشارح أو حتى في المنازل بحثاً عن مكان لدفنها.

“دفن لائق”

وبموجب تعاليم الإسلام، يتعيّن دفن الموتى بأسرع ما يمكن، ويستحسن في غضون 24 ساعة.

وكانت قضية حراء إبراهيم، المرأة المقدونية في بيزونيه قرب مدينة بريشا شمالاً، والتي توفيت والدتها بالفيروس، بين أكثر الحالات صعوبة في هذا الصدد.

وبحسب صحيفة “لا ريبوبليكا”، اضطرت هذه المرأة لإبقاء جثة والدتها في المنزل لأكثر من عشرة أيام لعدم وجود مقبرة للمسلمين في منطقتها.

وذكرت الصحيفة أن أعداداً لا تحصى من العائلات المسلمة وجدت نفسها في مأزق مأساوي مشابه خلال الأزمة.

وقال الإمام تشينا إن المشكلة مستمرة حتى بعد انحسار موجات الوفيات الأكبر بالفيروس. وأوضح أنه تم نقل جثة مسلم توفي في ميلانو الأسبوع الماضي إلى منطقة على بعد نحو 50 كلم لدفنها.

وشكر تشينا رؤساء المجالس البلدية الذين “فتحوا مقابرهم (الكاثوليكية) خلال الأزمة لضمان (حصول الموتى المسلمين) على دفن لائق”.

وقال رئيس المركز الإسلامي في ميلانو أبو بكر قدودة إن بعض العائلات في بريشا وبيرغامو (المنطقتان الأكثر تأثّراً بفيروس كورونا المستجد في البلاد) اضطرّت للانتظار “لوقت طويل للغاية” لدفن موتاها.

وقال قدودة “لم نفكّر في المسافة. توجّهنا إلى أول بلدة وافقت على استقبال الجثث. كان همّنا الأول قبل أي شيء هو العثور على مكان لدفنهم”.

المسلمون الأصغر سناً “يريدون بأن يتم دفنهم في إيطاليا لأنهم إيطاليون”

ويعدّد اتحاد الجالية الإسلامية في إيطاليا 76 مقبرة في البلد الذي يضم نحو 8000 بلدية. بُنيت أقدم هذه المقابر عام 1856 في مدينة ترييستي في شمال شرق البلاد بينما تعود تلك المقامة في روما إلى العام 1974.

وبموجب القانون الإيطالي، بإمكان المقابر أن تخصص “أقساماً خاصة ومنفصلة” لغير الكاثوليك لكنها غير مجبرة على ذلك.

وأقر قدودة بأن الحكومة كانت متعاونة في هذا الصدد، لكنه دعا إلى المزيد من “الإرادة السياسية” لإتاحة مساحات إضافية لدفن المسلمين. وأفاد “بعد الوباء، ردت 150 بلدية بشكل إيجابي على طلباتنا” توفير قسم للمسلمين في مقابرها.

ومع الوقت، ستزداد الحاجة لتخصيص مواقع لدفن المسلمين في وقت يفضّل المهاجرون وأبناؤهم أن يتم دفنهم في إيطاليا.

وقال قدودة “كان لدينا صندوق للدفع لإعادة الجثث إلى بلدان أصحابها الأصلية، لكن الوضع تغيّر”. وأضاف “لا يزال بعض كبار السن يرغبون بأن يتم دفنهم في بلدانهم الأصلية. لكن لدي العديد منهم أبناء وأحفاد في إيطاليا وباتوا يفضلون أن يدفنوا هنا”.

وتابع أن المسلمين الأصغر سناً بدورهم “يريدون بأن يتم دفنهم في إيطاليا لأنهم إيطاليون”.

المصدر: euronews

اقرأ/ي أيضاً:

الموت في الغربة: من الهواجس إلى بيروقراطية دفن الموتى في ألمانيا

دفن الموتى بسبب كورونا.. هل يصبح أزمة دينية واجتماعية

المسلمون في أوروبا.. بلدان وأرقام

دارنيلا فرايزر الفتاة التي وثقت لحظة مقتل جورج فلويد

هل تعرف من وثّق لحظة مقتل جورج فلويد ؟ فتاةٌ في السابعة عشرة ذاهبة لتتسوق

أخبار كورونا في ألمانيا: عالم ألماني يحذر من مخاطر ارتداء الكمامات

عالم فيروسات ألماني يحذر من مخاطر الكمامات وينتقد إجراءات العزل في ألمانيا