in

لاجئون يقودون جولات سياحية للسيّاح في برلين

مطعم شام، هو مكان شرق أوسطي، ذو مظهر عادي جداً، ليس به مايميزه، ديكور المكان، عبارة عن لوحات بسيطة، تُظهِر صوراً للفلافل والكبة، وعند النافذة الزجاجية، يتوضع سيخ ضخم من شاورما اللحم، الذي يدور ببطءٍ حول نفسه، لكنَّ المطعم، ورغم بساطته، أصبح وجهة، يقصدها معظم القادمين الجدد من سوريا.

ومحمود، هو شابٌ سوري من أصول فلسطينية، فرَّ من الحرب في سوريا عام 2014، بعدما  تعرض للسجن والتعذيب على يد قوات النظام السوري، ويعمل الآن مرشداً سياحياً مع مجموعة تنظم جولات سياحية في برلين، تدعى  كيرشتاتاين، يشرف عليها لاجئون.

تقوم هذه المجموعة بتنظيم جولات سياحية، في مشهدٍ حضاري في برلين، تشرح فيها للسياح والسكان المحليين على حد سواء، تجربة حياة اللاجئين في ألمانيا.

ومجموعة كيرشتاتاين، هي ثاني مجموعة مرشدين لاجئين تعمل فى برلين، وقد ظهرت بعد استقبال المدينة لهذا الدفق الهائل من المهاجرين، والذي بدأ منذ عامين تقريباً، وتضم المجموعة إلى الآن ثمانية مرشدين.

وقد أسَّست لورنا كانون، وهي مرشدة سياحية بريطانية تعيش في برلين، مجموعة “Refugee Voices” أو “أصوات اللاجئين”، بمساعدة صديقين لاجئين لها، في بداية عام 2015، فيما تطوع صديقاها بعد ذلك ليصبحا مرشدين في المجموعة.

تقول لورنا إنَّ الجولات وسيلة “ليقابل الناس شخصاً يرى كيف تكون المعيشة كلاجئ، ويفهم ما يعنيه ذلك”.

وقد نالت الفكرة رواجاً كبيراً بين الناس، لذلك فقد نظَّمت مجموعة “أصوات اللاجئين” في ذلك الحين جولة في كوبنهاغن، قادتها امرأة إريترية ورجل كردي وآخرعراقي، فيما لديها خطط أخرى تشمل فيها جولاتها، لندن وباريس مع بداية عام 2018.

ومن ما يميَّز هذه الجولات، أنَّها مجانية وقائمة على التطوع، بينما تتبع كيرشتاتاين نظاماً مغايراً فيما يخص الناحية المادية، حيث أنَّها تمنح المرشدين أجوراً تصل إلى 200 يورو شهرياً، وتبلغ رسوم الجولة الواحدة 13 يورو.

نقاط التقاء اللاجئين في برلين

تحتل شوارع حي نويكولن المرصوفة بالحصى، وهو واحد من الأحياء الأكثر تنوعاً في برلين، مكانةً خاصة لدى محمود إذ أن أكثر من 40% من سكان الحي هم من أصول أجنبية مهاجرة.

يقول محمود: “عندما تتحدث عن أزمة اللاجئين، عليك إذاً التحدث عن نقاط التقاء هؤلاء الناس. دائماً ما ستواجه صعوبات في ما يتعلق بالإجراءات والحواجز اللغوية بمجرد وصولك، لذلك يجب أن تجد الشخص أو المكان الذي يمكنه مساعدتك”.

كما يُعد شارع سونينالي القريب من نويكولن، من أكبر الشوارع وأكثرها صخباً وضوضاء. ويمثل هذا الشارع الآن، الذي كان يقطعه سور برلين ذات يوم، نوعاً مختلفاً من العزل.

ولأنَّ سونينالي كان موطناً للمهاجرين اللبنانيين في سبعينيات القرن الماضي، أصبح مركزاً لجاليات الشرق الأوسط في المدينة، إذ أنَّ هذا الشارع يُعَد “نقطة التقاء لجميع اللاجئين والعرب في المدينة، فهو يُشعِرهم بأنَّهم في موطنهم الأصلي”، ويُعرَف محلياً باسم “الشارع العربي”.

 لماذا هذه الجولات ؟

تهدف هذه الجولات إلى توفير مساحة لإيجاد التوافق بين الناس، ويأمل المرشدون من خلالها  أن تساعد عرض نظرتهم الخاصة وتجاربهم في برلين، على تخطّي تلك الحواجز، وإزالة إحساس المواطنين الألمان بأنَّ اللاجئين غريبون عنهم.

هل الجولات عُرضة لأن تتحول إلى ما يسميه الألمان “Elendstourismus”، أو سياحة البؤس؟

يقول محمد، وهو المؤسس المشارك لأصوات اللاجئين: “إذا ما شعرتُ أنَّ الناس يشفقون علينا لن أستمر. ليس هذا هو الهدف من الجولات”. ويضيف بأنَّ الهدف من هذه الجولات، هو بناء جسر يصل بين التجربة الألمانية والتجربة السورية.

كما يرى في مباني شارع لايبتسيغر المدمرة، انعكاساً لشوارع مدينة حماة السورية، حيث تجمَّع مليون شخص للاحتجاج على الحكومة عام 2011 في انتفاضةٍ سُحِقت بعنف.

يقول: “إنَّها قصة مشابهة لأناسٍ يحاولون الحصول على حريتهم، وحقوقهم، وما يستحقونه”.

ويضيف : “تمدني برلين بالأمل. إذ تضررت هذه المدينة بشدة في الحرب العالمية الثانية، وفي غضون سنواتٍ قليلة، أُعيد بناؤها وكان هناك ديمقراطية. هذا ما يعطيني الأمل في ما يتعلَّق بسوريا الآن: أنَّنا ذات يوم ربما نصبح قادرين على بنائها من جديد”.

الخبر منقول عن د. ب. أ.

اقرأ أيضاً:

100 سبب يجعلني أحب برلين

نوجين مصطفى: على كرسيها المتحرك عبرت الحدود إلى مستقبل واسعٍ

جائزة “السلام الدولية للأطفال”.. ينالها فتىً سوري