in

مفترق طرق.. بيننا وبين أوروبا التي حلمنا بها

Artwork: Mohammed khayata
خزامى صادق رزوق

هي رياح الحرب التي عصفت بموطني، فألقت بي مع رحالي في بلاد الغرب، تائهةً خائفةً من المجهول، ومما يخبئه لي القدر. فهذه هي البلاد التي لطالما حلمنا مراراً وتكراراً بالعيش في كنفها، فقط بسبب الصور التي حفرت في ذاكرتنا عبر الأفلام التي شاهدناها، أو الروايات التي قرأناها.

صحيحٌ أن تلك الصور لم تختلف من الناحية الشكلية عما رسخ في الذاكرة، ولكن ما لم يكن حاضراً بل كان مغيباً عنا بالمطلق، هو تركيبة النسيج المجتمعي الأوروبي بشكل عام و المجتمع الألماني بشكل خاص، فهو نسيج معقدٌ نوعاً ما بالنسبة إلينا، بالشكل الذي لا يسهل التآلف والتعايش معه كما كنا نتخيل أو نريد، إذ يختلف جذرياً عن مجتمعنا بكل خصائصه ومكنوناته النفسية، الاجتماعية، والثقافية. 

وها أنذا بعد مضي ثلاث سنوات ونصف على مجيئي إلى هنا، ما زلت كل صباح أحن إلى رائحة رغيف الخبز، وفنجان القهوة، وإلى سماع صوت رنين هاتف منزلي، لأرد على أمي أو أختي وأقول “ها أنا قادمة في غضون دقائق لنتشارك الإفطار معاً”.

هذه التفاصيل الصغيرة في حياتنا اليومية هي منبع ابتسامتنا الصباحية مع بداية كل يوم عمل جديد، هي التي كانت تمدنا بالتفاؤل والقوة على تحمل مصاعب الحياة وقسوتها. 

هذه العادات الصباحية الموروثة في حوارينا، نفتقدها هنا، وشيئاً فشيئاً نفقد إحساسنا بقيمتها، ونحن نركض لاهثين في دهاليز سياسة الاندماج التي يراهن عليها الكثير بالفشل أو النجاح.

فهل سنستطيع نحن المحافظة على تقاليدنا، وثقافاتنا في ظل معترك الحياة هذه، وننجح في خلق روح المشاركة المجتمعية، لنكون السند الداعم لبعضنا البعض، ولنتمكن من التعايش والتآخي فيما بيننا أولاً ومن ثم مع المجتمع الألماني ثانياً.

اقرأ/ي أيضاً:

تحدث مع الألمان، لكن ليس حول الجنس والمال…

نحن و”ألمانيا العظيمة” ما بين إعلاء الآخر والنظرة الدونية للذات

ماذا يكره الألمان؟ عن بعض العادات الاجتماعية والثقافية التي يتحاشاها السواح في ألمانيا

نعرف عن الألمان الدقة بالمواعيد. ما هي العادات التي تميزهم أيضاً في مكاتب العمل؟

في سوء الفهم الناجم عن الفروق الثقافية

منظمة “.Refuture e. V”.. شباب يداً بيد نحو المستقبل

لاتستطيع التوقف عن إضافة الملح إلى وجبتك المفضلة.. إذاً توقف قليلاً لقراءة هذه النصائح