in ,

زاوية حديث سوري – انقراضُ العرب…

العمل الفني: خليل عبد القادر / www.facebook.com/kalil.kader.9

د. بطرس المعري – فنان وكاتب سوري مقيم في ألمانيا

في محاضرة، هي أقرب إلى حوار مفتوح مع الباحث والصحفي الألماني شتيفان بوخن بعنوان “ماذا تبقى من العرب ؟” يقول بوخن خلال اللقاء ممازحاً، رداً على تساؤل من أحد الحضور: لا لن ينقرض العرب، “إذا انقرض العرب من سيحضّر الفول والحمص؟” 

ألقى الصحفي الألماني محاضرته باللغة العربية، التي يجيدها، أمام جمهور تألف من السوريين وبعض العرب الذين يترددون على “صالون أمارجي الثقافي”، في مدينة هامبورغ. وفي الحقيقة، كان وقع جملة بوخن هذه على مسامع الجمهور ثقيلاً، وقد وجدنا فيها “نكتة” سمجة، تحمل شيئاً من الإهانة أو التحقير ربما، رفضها بعضنا بصوت عالٍ وكظم آخرون غيظهم ريثما ينتهي المحاضر الضيف من كلامه.

من بعدها، تكلم البعض معترضاً على هذه الجملة، فأتى منهم بأمثلة عن دور العرب والمسلمين في حالة التطور والرخاء التي يعيشها الغرب في أيامنا هذه، وكيف كنا حاملين لمشعل الحضارة في زمن مضى من تاريخ  هذا العالم.

***

بعد انتهاء المحاضرة والنقاش، وكما يقال، “راحت السَّكرة وجاءت الفكرة”! ورحنا نفكر إذا ما كنا فعلاً نقدم نحن كدول عربية لهذا العالم من شيء مفيد. فالتحديات التي تواجهها الكرة الأرضية هي كبيرة، أخطار كبيرة مثل التلوث والتصحر وانقراض أنواع من الحشرات والحيوانات، الفقر والهجرات والحروب… إلخ ستنعكس على حياة جميع سكانها، وعلينا المشاركة في إيجاد الحلول لهذه الأخطار التي تهددنا، لا أن نبقى في حالة استسلام، نعيش على هامش الحياة.

أسئلة كثيرة تطرح أيضاً حول مساهمات مؤسساتنا الأكاديمية ومختبراتنا في التطور العلمي، ترتيب جامعاتنا في تصنيف أفضل الجامعات في العالم.

***

قبل عشر سنوات تقريباً، أثارت تصريحات الشاعر والمفكر السوري أدونيس في أربيل، والتي قال فيها إن الحضارة العربية ماتت، سخطاً كبيراً ما بين المثقفين العرب، رغم أن هذا الكلام ذاته قد كتبه سابقاً غداة نكسة 1967 وتقبله كثيرون. وفي الحقيقة، كان أدونيس يقصد هنا موت المؤسسة الثقافية العربية بمجملها التي تخلت عن الفعل الثقافي الحقيقي والمؤثر في مسيرة الحضارة الانسانية. ويمكن أن نتابع أيضاً فنقول إن العرب الذين يبنون المؤسسات العلمية والمعرفية ويسهمون ببناء الحضارة الانسانية قد “اختفوا”. لكن هذا بالتأكيد لا يعني عدم وجود كفاءات فردية عربية في كل مجال، نسمع بها تحقق نجاحات باهرة في دول الغرب الذي يوفر لها إمكانية العمل والإبداع.

***

أخيراً، هل نورد كلام أدونيس هنا كي نخفف على أنفسنا وطء تلك “الإهانة”، كي نقتنع أننا خارج الزمن، نجيد فقط طهو الطعام وتدخين النرجيلة؟ فليكن.. أو فلتكن جلسة مصارحة، بأن استحضار تاريخنا “المجيد” لن يفيدنا في شيء الآن. لكن هذا بالطبع لا يعني الاستسلام، لا يعني الخضوع للفوقية التي يتعامل بها الغربي، والتي نتلمسها في كثير من الأماكن والظروف. وإن كنا نحن هنا، سكان هذه البلاد الجدد، لا نستطيع المساهمة في تطور بلادنا الأصلية، فلنساهم هنا على الأقل. فلنكن، هنا أيضاً، على مستوى من العلم والاجتهاد (والأخلاق بالطبع)، بحيث نفرض عليهم احترامنا. إن جزءًا من هذه العنصرية التي يتعرض لها أغلبنا ناتج عن طبيعة سلوكنا وعن استكانتنا لوضعنا كلاجئين لا حول لنا ولا قوة، والأمر في الحقيقة ليس كذلك، فأبواب المدارس والمعاهد والجامعات مفتوحة أمامنا.

أحاديث سورية أخرى:

زاوية حديث سوري: يا أمطارهامبورغ.. اغسليني

زاوية حديث سوري: سبحان مغيّـر الأحوال …

زاوية حديث سوري: المثليّـون و أزنافور وأنا…

زاوية حديث سوري: ألماني لأبوين سوريين؟!

شعر للدكتور مازن أكثم سليمان: تغافُل

زاوية يوميات مهاجرة 9 – ماذا لو…!