in

هذا ما اجتمعت عليه اللاجئات السوريات في هولندا..

“حلقات الكلام” في حضرة رحاب شاكر

خولة دنيا. كاتبة سورية مقيمة بين ألمانيا وتركيا

“هدفي من نادي القراءة، هو سد الفجوة الثقافية والفكرية، التي يمر بها المهاجر في (بداية) حياته في بلده الجديد، بسبب عدم إتقانه للغة البلد، وعدم توفر الكتب والنشاطات الثقافية باللغة العربية، ولأن معظم النشاطات الثقافية في البلد لا تلامس هموم المهاجر مباشرة، وغالباً  لا تجذبه حتى ولو تعلم اللغة.

أنا كمهاجرة عانيت في السنوات العشر  الأولى من الفراغ الثقافي القاتل، الذي يعيشه كل مهاجر. كل شيء جديد ولا نملك مفاتيح العالم الجديد، وليس عندنا من يوجهّنا، ولغتنا الأم التي نتطور من خلالها غير صالحة للاستخدام، أو بمعنى آخر أفلست.

هاجرنا إلى هولندا قبل عصر الإنترنت والفضائيات العربية. هذا كان ليجعل كل مهاجر يعيش حالة من النكوص والكسل الثقافي والفكري والانعزال الاجتماعي، قلَّما يتمكن من تعويضها تماماً في وقت لاحق. وهو ينطبق على الجميع، الصغار والكبار. قليلون هم المؤهلون لتعلم اللغة الجديدة إلى درجة تنفتح لهم ثقافة البلد من غير عراقيل. وإذا كانوا مؤهلين للتعلم، فالأمر يحتاج دائماً إلى سنوات طويلة، قبل أن يتمكنوا من قراءة كتاب كامل بارتياح”. هذا ما تقوله رحاب شاكر حول نادي القراءة للسوريات الذي بدأت به منذ سنة.

رحاب أم لطفل واحد، تسكن في هولندا التي هاجرت إليها مع عائلتها وهي في سن الخامسة عشرة. حصلت عام 2009 على ماجستير في دراسات اللغات والحضارات السامية/ قسم عربي، من جامعة أمستردام.  تعاونت لمدة ثلاث سنوات مع لجنة دعم الثورة من هولندا. كما أنها عضوة في شبكة المرأة السورية.

تهتم رحاب باللغة والأدب والنسوية وحقوق الإنسان وسوريا وهولندا. سبق وقدمت لنا ترجمة “نزق المرأة” التحفة التي صدرت منذ نصف قرن في هولندا، والتي كانت الطلقة الأولى في الموجة النسوية الثانية، التي عمّت في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي. وماتزال تترجم وتنشر مقالات تتناول مجالات اهتمامها وخاصة النسوية.


تواصل رحاب قائلة: “طبعاً الوضع أفضل الآن  بسبب انتشار الفضائيات والإنترنت، ولكن لو نظرنا بالعمق، نرى أن الفراغ الثقافي موجود أيضاً عند المهاجرين الجدد، الإنترنت يحل فقط جزءاً صغيراً من المشكلة، والأغلب يخفيها تحت البساط.

فكرت أن أستفيد من خبرتي كمهاجرة قديمة لسد هذه الفجوة للمحيطين بي من اللاجئين السوريين وخلق جو ثقافي صغير ولكن عميق باللغة العربية. ومن هنا نشأت فكرة حلقة القراءة باللغة العربية للنساء”.

“حلقات الكلام”

خلال شهر شباط الماضي كان اللقاء الخامس لنادي القراءة. تخبرنا رحاب أن تقييم النساء للنشاط حتى الآن إيجابي. وأن معظم النساء أصبحن لا يترددن عند دعوتهن لحلقة جديدة. “من الردود التي وصلتني من السيدات أذكر مايلي: ” حسيت حالي إني عايشة، هموم البيت والأطفال أبعدوني تماماً عن هيك أجواء، حلقة القراءة رجعتلي حالي اللي كنتها من زمان”. وعندما كنا نناقش كتاب “اللغز الأنثوي” للكاتبة الأمريكية بيتي فريدان، قالت سيدة أخرى أنها كانت تظن أن عندها مشكلة نفسية، ولكنها اكتشفت الآن أن نساء غيرها عندهن نفس المشكلة، وأن الذي تشعر به هو طبيعي نتيجة ظرفها.

تعيد رحاب إحياء “حلقات الكلام” التي تقول إنها كانت شائعة في هولندا في ستينات القرن الماضي. فبعد مرور عدة لقاءات فَكَرَت أن “هذه الحلقة من الممكن أن تكون أكثر من حالة سد للفراغ الثقافي، من الممكن أن تكون طريقة لمساعدة النساء على فهم أنفسهن”. فقد كانت حلقات الكلام الهولندية فرصة لكي تجتمع النساء ويحكين مع بعضهن بطريقة منظّمة، وكانت أداة من الأدوات التي استخدمتها النسويات بكثرة لوعي ذاتهن ونسويتهن.

“برأيي من الصعب استيراد حلقات الكلام النسوي بشكل حرفي إلى الوضع العربي، بسبب درجة المحرمات الكبيرة التي نعاني منها، وحالة التفكك التي سببتها الحرب، ولكن من الممكن عن طريق حلقات الكتاب أن نتكلم، نحن النساء، بشكل بنّاء ولكن غير مباشر عن ذواتنا ونتعرف عليها”.

هو مشوار طويل

كانت فكرة الدمج بين الذائقة الفكرية وذائقة الطعام، محببة جداً، خاصة أنها تجتذب المزيد من السيدات بهدف التشاركية والفضفضة، وبنفس الوقت النقاش والقراءة، فهل استطاعت رحاب جذب المزيد من السيدات إلى هذا المطبخ الفكري الممتع؟

تقول رحاب: “قمت منذ فترة طويلة بنشاطات ثقافية مع لجنة دعم الثورة من هولندا، وواجهت صعوبات بتشجيع الناس على الحضور، وكان البعض يلغي الموعد في آخر لحظة. لذلك عندما بدأت بحلقة القراءة كنت صارمة منذ البداية. غالباً أنا التي تنظم كل شيء، والبنات متجاوبات إلى حد معقول. فقط الأمهات يلاقين صعوبة بترك الأطفال في البيت والحضور. خطتي أن نقرأ كل الكتب التي جلبتها من لبنان. وبما أنه عندي ست نسخ فقط من كل كتاب قررت أن أنظم حلقتين لكل كتاب. أي أن تتم قراءة الكتاب من قبل 12 سيدة. بالرغم من أن التنظيم بطيء (نحتاج إلى شهرين لقراءة الكتاب) إلا أني مستمرة وليست لدي نية للتوقف. وأعتقد أن مبادرة الصبايا مع الوقت ستتحسن وهي تتحسن بالفعل”.

في النهاية، وكما تقول رحاب: ” الكتاب كان دائماً عامل ترميم لي”، نأمل أن ينطبق هذا على امرأة لاجئة تشارك في حلقة القراءة، علَّ بؤر القراءة تنتشر بين اللاجئات، ولا يكون هدفها التثقيف فقد، بل ملامسة ذات المرأة المثقلة والتعرف عليها.

“هو مشوار طويل، ولكن يحصل فجأة أن تعيش واحدتنا قفزة في تطورها. واللقاء مع الكتاب يساعد بكل تأكيد”.

عشيرة عربية تنتج وتتاجر بتبغ الشيشة بشكل غير قانوني على مستوى أوروبا

بلجيكا البرازيل… كيف أبطل مارتينيز السحر البرازيلي