in

افتتاحية العدد 58: هي خسارةٌ أخرى!

نجاة عبد الصمد. طبيبة وروائية سوريّة
لعل المخدرات من أخطر المشكلات المنتشرة بين المهاجرين واللاجئين في أوروبا، فهي لاتخصّ أصحابها وحدهم، بل تشمل المجتمع والأسرة بقدر ما هي ابتلاءُ العالقين بها من شريحة الشباب خصوصاً، نبض المجتمع وثروته ورصيد مستقبله.

خلّف السوريون وراءهم بلاداً تحترق، وفجائع شخصية وعامّة تتفاوت شدّة تأثيرها على كلّ منهم. وفي بلدان اللجوء، تواجههم تحديات لاتنتهي؛ الحصول على الإقامة، رحلة البحث عن الهوية، التحديات داخل الأسرة، عدم انفتاح الأهل على الحوار وتمرد الشباب عليهم، ضياع الفرد بين ثقافة المجتمع الجديد والمحرمات التي نشأ عليها، غياب الثقافة الجنسية، ضرورة تقبّل المجتمع الجديد وفهمه والدخول في منظومته.
لكن إمكانات الشباب وقدرتهم على التأقلم ليست واحدة، وكذلك حجم التحديات وطبيعة المحيط حول كل فرد. بعضهم يفقد بوصلته أو تغيم آفاق مستقبله. قد يرفض المجتمعَ الجديد، أو يرفضه المجتمعُ، ومن حيث لايدري يبحث عن خلاصه في هلاكه.
والمخدرات بأنواعها متاحةٌ في أوروبا، ومن بين المدن الألمانية تحتفي برلين بظاهرة “الكيف” وتدخين الحشيش، المنتشرة كنمط حياةٍ يزهو به أصحابه، فضلاً عن رواج تعاطي ما هو أشدّ تأثيراً. واليوم يتوفّر ذلك كلّه في سوريا، وفي تجمعات السوريين في دول الجوار، كأنها إحدى حزم الخراب التي جاءت مع الحرب والفوضى.

لا يحدث الإدمان بين عشيةٍ وضحاها، فهو يبدأ بمكافآتٍ متقطعة (ضيافة، رغبة بالتجريب، هروب من أزمة ما..)، وبالاستهلاك المنتظم يبدأ طريق الدحرجة، نزولاً إلى الهاوية. يسير إدمان المخدرات غالباً مع إدمان الكحول واللجوء إلى العنف، أي جملة كوارث شخصية: تضييع العقل والصحة والمال، وفقدان العمل والأصدقاء، وتهديد بفقد الإقامة.
والإدمان ليس وصمةً للمبتلى به، لكنّ الشفاء منه يتطلّب الوعي بأنه مرضٌ، وأنّ هناك مؤسساتٌ مؤهلة ومجانية، وتضمن السرية، تعتني بخدمات التوعية والمشورة والعلاج والدعم والمساعدة الذاتية للمدمنين والمعرَّضين لخطر الإدمان. ولا ننسى مسؤولية المحيط، الأسرة والنظام التعليمي، في دعم الشباب المهاجر ومساندته في هذا العمر الحرج، ليندرج في منظومة الدراسة أو العمل بدلاً من الضياع. وتقع على الحكومات مسؤولية ملاحقة المتاجرين بالمخدرات والمروّجين لها، ومحاكمتهم وتنفيذ العقوبات المستحقة.
أخيراً، لنتذكّر أنّ المدمن قد يعيش حالةً من النكران، ما يعني أن علينا نحن معرفة دورنا ومسؤولياتنا كأسرة وأصدقاء، وبوصفنا جزءاً من مجتمعٍ يخسر بعض أفضل أفراده.

  

ميركل تؤكد إمكانية توفير لقاح كورونا لكل المقيمين في ألمانيا بحلول هذا التاريخ

ميركل تؤكد إمكانية توفير لقاح كورونا لكل المقيمين في ألمانيا بحلول هذا التاريخ

ألمانيا تتجه لتمديد وضع الطوارئ الوبائي على النطاق الوطني لمواجهة كورونا

ألمانيا تتجه لتمديد وضع الطوارئ الوبائي على النطاق الوطني لمواجهة كورونا