in ,

الحركة السياسية النسوية: عام التأسيس حضور سياسي لافت ومشاركة رجالية فعّالة

تقرير خولة دنيا

بعد عام من التأسيس عقدت الحركة السياسية النسوية مؤتمرها العام الأول في مدينة فرانكفورت الألمانية، حيث حضرت/حضر المؤتمر حوالي 35 امرأة ورجلاً من أعضاء الحركة. الحركة تأسست في باريس تشرين الأول ٢٠١٧ وتمخض المؤتمر في حينه عن انتخاب أمانة عامة من 7 سيدات.

التزمت الحركة في أول مبادئها بالتغيير الجذري لبنية النظام الاستبدادي إلى الدولة الديمقراطية التعددية، والحل السياسي السلمي في سوريا، وأكدت على ضرورة رفع تمثيل النساء بنسبة لا تقل عن 30% في جميع مراكز صنع القرار.

تعرّف الحركة نفسها بأنها تعمل على بناء سوريا دولة ديمقراطية تعددية حديثة، قائمة على أسس المواطنة المتساوية دون تمييز بين مواطنيها، دولة القانون التي تساوي نساءها برجالها وتجرم أي عنف ضد النساء، بضمانة دستور متوافق مع منظور الجندر، يكون أساساً لإلغاء جميع أشكال التمييز ضد المرأة على جميع الأصعدة. وتشير الحركة النسوية إلى ضرورة إعطاء الأولوية لحماية المدنيين من جميع أعمال العنف، والإفراج عن المعتقلين والكشف عن مصير المختفين قسرياً، وفكّ الحصار عن المناطق المحاصرة، وضمان عودة طوعية كريمة للنازحين واللاجئين لديارهم، والضغط على الهيئات الدولية والحكومات لتحسين الظروف التي يعانون منها وخاصة حرمانهم من الخدمات الأساسية والحق بالتعليم. ودعت الحركة إلى التعامل مع ملف عودة اللاجئين كملف سياسي غير قابل للابتزاز والاستغلال.

في سعي لرصد ما وصلت إليه الحركة في مؤتمرها العام الأول، أجرت أبواب لقاءات مع عدد من أعضاء الحركة للإجابة على بعض الأسئلة:

أولاً، هل يمكننا القول إن الحركة أنجزت خطوات انطلاقها فعلاً أم ما يزال العمل جارياً على ترسيخها؟

تقول جمانة سيف عضو لجنة الرقابة الحالية: إن الحركة أنجزت خطواتها بنجاح، ولكن الآن يجب العمل على أن نكون مؤثرين، إن كان على صعيد الداخل، أو بالتواصل مع النساء السوريات وحمل قضايا شعبنا، ووجودنا كمؤثرين وفاعلين على الصعيد الخارجي.

بينما أكد د.دريد جبور: الانطلاقة كانت مع المؤتمر التأسيسي وحصل ترسيخ لهذه الانطلاقة مع المؤتمر الأول، وأصحبت المهمة الآن التطوير الكمي والنوعي للحركة وصولاً إلى تحقيق ما يمكن من أهدافها.

 

ثانياً، لماذا حركة سياسية نسوية؟ وبما تختلف عن الحراك السياسي السوري؟ فهل هناك قضية نسوية خاصة يجب طرحها في المجال السياسي العام، أم قضايا سياسية يجب طرحها من منظور نسوي؟

تقول جمانة سيف: يرى النساء عادة بعض القضايا والملفات من زاوية مختلفة، وأيضاً الأولويات مختلفة. أعتقد أن هناك قضايا نسوية خاصة تتعلق بدور النساء وأولوياتهن. لذلك يجب العمل على تغيير الأدوار المختلفة للنساء، وهي قضية عامة يجب طرحها إضافة إلى قضايا سياسية تتعلق بالحماية والأمن، وأولوية حمايتهن وحماية الأطفال. لذلك يصح القول إننا ننظر إليها من وجهة مختلفة تتعلق بإيجاد الضمانات وحماية الفئات المستضعفة في مجتمعنا. بالإضافة إلى قضايا المعتقلين والمختفين قسرياً وهو ما يجب طرحه بطريقة مختلفة عما يتم طرحه في الحقل السياسي العام.

د.جبور: المفترض أن أي حراك يجب ألا يقع فريسة الثنائيات. عندما تشكل المرأة أكثر من نصف المجتمع فإن حراكاً نسوياً سياسياً ليس بديلاً وإنما هو رديف ضروري مهم وإيجابي للحراك السياسي، ويساهم بطريقة عملية في مشاركة المرأة بالحراك السياسي بما تستحقه لا بما يفرضه واقع الحال. لا يمكن أن يكون هناك حراك سياسي بمصداقية حقيقية يمثل تطلعات الشعب السوري بالمواطنة التامة ما لم تكن قضية المرأة والرجل حاضرة.

 

وحول البند11 في البيان الختامي: (التعامل مع ملف عودة اللاجئات/اللاجئين، كملف سياسي غير قابل للابتزاز والاستغلال)، تقول ديما موسى عضوة الأمانة العامة للحركة: الشق الانساني من هذا الملف مسؤولة عنه المنظمات ذات الصلة والتي يجب أن يستمر عملها الإنساني معهم، وهو تقديم المعونات والتعامل معهم إنسانياً، ولكن التعامل مع الملف يتم فقط بصيغة إنسانية ولا يتطرق إلى الحقوق السياسية للاجئين وهذا خطأ، وخاصة أن معظم من أصبح لاجئاً كان نتيجة وضع سياسي، لذلك فإن التعامل معه كملف سياسي ضمان لحقوقهم السياسية، ونحن نربطه بالحل السياسي الشامل بما في ذلك الوصول إلى بيئة آمنة ومحايدة تضمن العودة الطوعية والكريمة إلى مناطق سكناهم الأصلية وعدم التعرض لهم أو الانتقام منهم.

تضيف صبا حكيم عضوة الأمانة العامة للحركة: إن قضيتنا ليست انسانيه فقط وإنما سياسية وتحتاج لحل عادل ومنصف يضمن حقوقهم. هم لم يلجؤوا لحاجات إنسانية فقط وإنما بسبب سياسات ظالمة واستبدادية.

ومن جهتي كعضوة جديدة منتخبة في الأمانة العامة أرى أن بقاء ملف اللاجئين إنسانياَ فقط يجعلهم مجردين من الحقوق الاساسية التي نصّت عليها الشرعة الدولية لحقوق الانسان، والتي تتضمن الحق بالتعبير وإبداء الرأي. ويحوّل ملف اللجوء إلى مجرد تغطية للاحتياجات الاساسية. دون التطرق لحقهم في الإقامة والعمل والتنقل والحماية والتعبير عن الرأي.

في تركيا مازال مئات آلاف السوريين في مخيمات اللجوء تحت مسمى ضيوف، تحت تهديد الإعادة القسرية. كذلك الحال في لبنان يترك اللاجئون لمصيرهم وتحت إرهاب الترحيل. كل هذا يجعل من الملف سياسياً بامتياز يجب طرحه على طاولة أي محادثات لضمان إعادة كريمة وآمنة للاجئين، أو إقامة ضمن الشروط الدولية الخاصة باللجوء.

ثالثاً، ما دور الداعمين من رجال سياسيين سوريين؟ وماذا يضيف وجودهم للحركة، وماذا تعطيهم بالمقابل؟

جمانة سيف: الداعمون السياسيون مؤمنون بالمساواة ودور المرأة وإمكانياتها، وأي تغيير يحتاج إلى مؤمنين به يدفعونه إلى الأمام، لذلك فوجودهم داعم وخاصة في مجتمع كمجتمعنا يعاني من الصورة النمطية للمرأة، وهو إضافة مهمة للحركة ويخلق نوعاً من التفاعل والنقاش من زوايا مختلفة.

د.جبور: كوننا حركة نسوية سياسية وليست نسائية فوجود الرجال أمر منطقي، لأن من بالحركة مؤمنون مثلنا بأن مظلومية المرأة، كونها أكثر من نصف المجتمع، هي مظلومية مضاعفة ولا يجب المرور عليها وتأجيلها، هم مؤمنون معنا أن من لا يؤمن بالمساواة التامة بين الرجل والمرأة سيكون في مكان آخر ضد المساواة مع مكونات أخرى للمجتمع السوري.

خاص أبواب

 

اقرأ/ي أيضاً:

الحركة السياسية النسوية: ترفٌ أم ضرورة!

إحداث فرق: قيادات نسائية عربية ملهمة

مفهوم الحفر التاريخي في مواجهة الطمر: إعادة الإعتبار للنساء والمهمّشين

التاريخ الخفي لعيد الحب: فجور وتَعرٍّ وصفع النساء بجلود الحيوانات

الطريق نحو المساواة في ألمانيا مازال طويلاً… التمييز الجنسي والعمري في مكان العمل