in

من امرأة ألمانية إلى لاجئ

PHOTO: MAJA HITIJ/DPA/ZUMA PRESS

كريستين هاك

 

لديّ الكثير من الأفكار لأشاركها معك كلاجئٍ أو وافدٍ إلى بلدي، وسأبدأ بأفكارٍ عن كولونيا، حيث أن الجميع الآن يتحدثون عما حدث فيها من اعتداءات، رغمَ أنّ أحدًا يعرف بالضبط كل التفاصيل ومن كان وراء تلك الجريمة. لكن للأسف قام البعض باستخدام ما حدث في كولونيا لتوجيه الاتهام والأذى للأجانب. الكثيرون يعرفون أن فساد شخصٍ أو بضعة أشخاص لا يعني بأية حال التعميم وفساد البقية. لذلك لم نفقد ثقتنا بكم؛ الثقة التي تحتاجونها ونحتاجها كلنا للعيش بسلامٍ معًا.

لا شكّ أنكم تعلمون أنه في ألمانيا كما في كل الثقافات، لا تقبل النساء أن يقترب منهن الرجال بالقوة، سواء كان ذلك من خلال عدائيةٍ لفظية، أو إشاراتٍ خشنة أو نكاتٍ بذيئة، وبالأخص بأعمالٍ جرمية كالاعتداءات الجسدية التي حصلت في كولونيا ومدنٍ أخرى، وما زلت مثل أي امرأة ألمانية أنتظر نتائج تحقيقات الشرطة عن هؤلاء الذين يقفون خلف كل هذا قبل أن أطلق أية أحكام.

لقد شعرت بالسعادة عندما سمعت من كثيرٍ من أصدقائي اللاجئين، أنهم ينظرون باحترام إلى كل امرأة في هذه الأرض كأمهم أو أختهم أو ابنتهم ويعاملونها على هذا الأساس. هذا جيد ويسعدني أنهم عبروا عن الأمر بهذه الطريقة وأنا أثق بهم. لكن لنكن صادقين تمامًا، فذلك لا يكفي! الرجل الذي يهاجم امرأة هو رجل سيء، والرجل الذي لا يهاجم امرأة هو رجل حيادي، أي أنه ليس سيئاً، لكنه ليس جيداً أيضًا، في حين أنّ الرجل الذي يحمي امرأة هو رجل عظيم ومثيرٌ للإعجاب والاحترام. ولهذا أقدّر عاليًا أن يقوم الرجال الشرفاء بالدفاع عن النساء الألمانيات وغيرهنّ.

وهناك عدة وسائل للمساعدة، فمثلاً في حال ارتكاب شخصٍ ما لإساءةٍ أو اعتداء، يمكنك تصوير ذلك وإرسال الصور أو الفيديو للشرطة، وإذا كنت ضمن مجموعة فيمكن للجميع المساعدة مع التصوير وإبلاغ الشرطة، ولكن طبعاً دون تعريض أنفسكم للخطر.

من ناحيةٍ أخرى أفكر أيضًا بالنساء الموجودات في المخيمات، وأدرك تمامًا مدى صعوبة الوضع بالنسبة للنساء الوحيدات اللواتي يلاحقهنّ بعض الرجال، لا آبه لجنسياتهن لكني أحلم أن يقوم الرجال الشرفاء بحمايتهن. فكرتي قد تبدو ساذجة، وهي أن يقوم كل رجل شريف بدور أخٍ في الإنسانية لحماية أيّ امرأةٍ مستضعفة، أو أي شخصٍ يتم احتقاره أو ازدراؤه من قبل الآخرين لأي سببٍ كان، كأن يكون من أقليةٍ عرقية أو دينية أو ثقافية. ربما كان هنالك اسم مميز لهذا في العربية مثل “الشهامة والنخوة”.

فكرة أخرى

ماذا يمكن أن نفعل حين نشعر بالإغراء عند رؤية شخصٍ جذابٍ من الجنس الآخر؟ نحن جميعنا بشر وهذا شعورٌ طبيعي، لكنه لا يمت بصلة إلى التحرش أو الاعتداء وخرق القانون. لا تنسَ أنّ المرأة التي تنظر إليها قد تكون طبيبة تنقذ حياة طفلك، أو قد تصبح أنجيلا ميركل المستقبل، وقبل كل شيء هي إنسانٌ يتمتع بكل الحقوق ويحميه القانون والأخلاق والدين والأعراف الاجتماعية.

وإذا كنت عازبًا وتتوق للقاء شخصٍ مميزٍ أو شريك مستقبلي، أوصيك باتباع نصيحة أحد أشهر الموسيقيين لدينا، جوهان سباستيان باخ: “إذا أردت أن تكسب قلبها فافعل ذلك بسرية، لا تكن مباشرًا في البداية، خذ وقتك في الحديث واطرح الأسئلة وتعرف إليها. افعل لها الأشياء ودعها تتعرف إليك من خلال أفعالك لا معها فقط بل مع الآخرين أيضًا. دعها تعرف أي نوع من الرجال أنت فربما تربح قلبها. وبغض النظر إذا ما أجابت بالقبول أو الرفض -مع أسفي في الحالة الأخيرة- فرجاءً احترم قرارها واحترمها لكونها أختك في الإنسانية وامرأةً ذات كرامة وشخصًا يحق له الاختيار”.

 

*مؤلّفة وناشرة ألمانية

كيف أبحث عن سكن؟

د. محمد شحرور: الولاء الملتبس في دول اللجوء