in

لماذا يتزايد عدد النباتيين في ألمانيا؟

ليليان بيتان*

تدريجيًا، يتناقص عدد الذين يأكلون اللحوم من الألمان لأسباب مختلفة. سابقًا كان التحول للنظام النباتي لدواعٍ صحية أو بيئية، أما اليوم فأكثر من 10% من سكان ألمانيا لا يأكلون اللحومات على الإطلاق.

السبت مساء في السوبرماركت هنا في ألمانيا، أتجه مسرعة لشراء شيء لأكله، حتى لا أبقى الأحد صباحًا دون خبز، قهوة أو حتى زبدة. طوابير الناس تزداد بشكل مضطرد وصراخ الأطفال يصبح أعلى وأكثر حدة. عائلة من ثلاثة أشخاص يقومون بشراء اللبن والبروكلي والجبنة “البيو”. أما في سلة إحدى الطالبات وجدت القليل من المخلل والتوست ومواد الدَهن نباتية المنشأ. أما الشابان الواقفان على صندوق المحاسبة المقابل لي؛ فكانا يحملان العديد من علب الجعة، الفحم الخاص بالشواء وجبنة خاصة بالشواء. يبدو أن أحدهم سيقوم بحفلة شواء غدا في الحديقة، ولكن أين اللحم والنقانق الأساسيان في أي حفلة شواء

من الممكن جدا أن هؤلاء الشابان سيقومان بشراء لحوماتهما من اللحام ليضمنا نوعية اللحم الذين سيقومان بشرائه. إن معظم فضائح محال الأطعمة والسوبرماركت مرتبطة بنوعية اللحومات وسوئها. من ناحية أخرى، قد يرغب هؤلاء بشواء الباذنجان والجبنة وأنواع الفطر المختلفة.

على الرغم من أن ألمانيا تعتبر دولة اللحومات والنقانق، يزداد عدد النباتيين يوميا بعد يوم في ألمانيا. وحسب “الجمعية الألمانية للنباتيين” فإن أكثر من 10% من سكان ألمانيا قد تحولوا إلى نباتيين. النباتي لا يأكل اللحومات أو الأسماك أو الدجاج أو المنتجات البحرية المختلفة. إن الطعام الأساسي للنباتيين يتكون من الخضار والفواكه والحبوب. أما المنتجات الحيوانية كالحليب واللبن والجنبة والبيض فهي متضمنة أيضا ضمن طعام النباتيين.

ssssss

الحياة دون لبن أو أحذية جلدية

أما النباتيون الصرف “الخضريون” (Veganer) فهم الذين لا يأكلون حتى المنتجات الحيوانية وهم يشكلون حسب “الجمعية الألمانية للنباتيين” حوالي 1.1% من مجموع الألمان ككل. إن “الخضريين” لا يقومون مثلا بشواء الجنبة بل ألواح الصويا. حتى أنهم لا يقومون بأكل العسل فهو منتج حيواني قادم من النحل، وفي حالات أكثر حزمًا لا يقومون بلبس الصوف الطبيعي أو حتى الأحذية الجلدية. حيث أن الخضريين مقتنعون تماما أن الإنسان لا يجب عليه أن يقوم باستغلال الحيوانات عبر الطعام أو حتى اللباس.

إن أسباب تحول الكثير من الألمان إلى النظام النباتي كثيرة جدا: البعض يجدون أنه من الخطأ قتل الحيوانات المختلفة لأجل الطعام. البعض الآخر يقف ضد التربية الجماعية للحيوانات في مصانع اللحم الضخمة وقتلها في الدول الغربية. إضافة إلى ذلك هذه الحيوانات كالأبقار والخنازير تعيش في ظروف سيئة في مزارع حتى تصل في النهاية لمعامل تصنيع النقانق واللحومات المعلبة.

أفلامٌ وثائقية كثيرة تم إنتاجها جعلت الكثير من الألمان يتوقفون عن أكل اللحومات بشكل كامل، كفيلم “نقوم بإطعام العالم” 2005 والذي يفضح الشركات الصناعية الكبيرة وصناعة اللحومات، وغيره.

بالمقابل يرفض كثيرون نظام التربية الجماعية للحيوانات لأسباب بيئية بحتة، حيث أنها تستخدم الكثير من الماء والطاقة والغذاء. الكثيرون أيضا يعتبرون الحليب ومنتجات اللحم غير صحية على الإطلاق، وهنالك الآخرون الذين لا يحبون اللحم ببساطة.

اليوم صويا وغدا لحم!

هنالك أيضا العديد من الحالات حيث تقابل شخصا نباتيا لا يأكل النقانق ولكنه يقوم بأكل السمك.

كيف يتم العيش بشكل نباتي هو أمر مرتبط بالشخص نفسه، حيث أن هنالك العديد من “المرنين” وهم أشخاص مرنون بنوعية طعامهم. يمكن لهؤلاء الأشخاص الامتناع عن أكل اللحومات بين الاثنين والجمعة مثلاً، ولكنهم يستمتعون في عطلة نهاية الأسبوع بوجبة لحم أو شريحة لحم مشوية في أحد المطاعم على سبيل المثال. حسب دراسة “الجمعية الألمانية للمستهلك” فإن أعداد “المرنين” من ناحية الطعام بدأت بالازدياد في ألمانيا. في شهر مارس/آذار من عام 2016 أكثر من 37% من العائلات الألمانية وصفت نفسها بالـ “مرنة” غذائيًا حيث يقومون بشكل متعمد بأكل كميات أقل من اللحومات. أما النباتيون فكانوا يشكلون حسب الجمعية الألمانية للمستهلك أقل من 5% من العائلات الألمانية*.

الطفرة النباتية في ألمانيا بدأت تتزايد ليس بسبب النباتيين فقط، وإنما بسبب الأشخاص المرنين أيضًا، فقد أصبح الطلب على المنتجات النباتية والصويا أكبر.

إذن، يصعب على المرء في السوبرماركت أن يتوقع في حال كان الشخص الذي قبله أو بعده نباتيا أو خضريًا أو من المرنين غذائيا. لذلك يمكن أن يكون الشابان اللذان على الصندوق المقابل، يرغبان بشواء خال من اللحم، وربّما أن العائلة الثلاثية ستقوم بشراء لحوماتها من قصاب مختص!

في النهاية، أنا كنباتية، عندما أدعو أشخاصًا إلى الغداء، أسألهم عن أنواع الطعام التي يفضلونها، وأفضّل أن يسألني من يدعوني ليأخذ بعين الاعتبار أني لا آكل اللحم.

وبالمناسبة.. المطبخ الألماني التقليدي غني جدًا بالوجبات الخالية من اللحم، وبالتأكيد ليست مكونة فقط من البطاطا.

*هناك عدة أنواع لإحصاء السكان، أحدها عدد الأفراد، لذلك وجدنا نسبة النباتيين 10%، أما النوع الآخر فهو عدد الوحدات السكانية (أسرة، شركاء سكن) لذلك كانت النسبة 5%.

 

صحافية ألمانية، رئيس تحرير مجلة أورانج بيبلوتيك سابقًا، محررة القسم الألماني في صحيفة أبواب.

ترجمة د. هاني حرب.

 

مواضيع ذات صلة:

طبيخ عزّابية

ماذا يأكل الألمان؟

ماذا حصل معي في السوق؟

ماذا نأكل؟ دليل الوافدين الجدد للاندماج عبر ثقافة غذائية مختلفة

أسماء المواد الغذائية المدخل الأول للغة الألمانية، والبداية مع التوابل

أسماء المواد الغذائية المدخل الأول للغة الألمانية، اللحوم والأسماك

لا بكيني ولا بوركيني.. إنه جسدي!

المواطنية العالمية.. حق أم تعاطف؟