in ,

فينغر وأرسنال حكاية روميو وجولييت كرة القدم

أرسين فينغر

كانت الأمور عاصفةً في شمال لندن، وأضحى بيت المدافع الجميل سابقاً يعيش أياماً من الملل والتكرار ‏والتراجع في الأداء، وشعر الكثير من اللاعبين بعدم الإحترافية أيام المدرب جورج غراهام، الذي كان يقود ‏الفريق للفوز بنتائج ضعيفة بهدف مقابل لاشيء، وسادت التعاسة أرجاء المدفعجية الجميلة وحوّلتها إلى ‏يتيمة تنظر حولها لما يحدث من سوء مستوى في النادي.‏

بقيت أميرة المدافع على هذا الحال حتى وصل نبأ صحافي عام 1996 بقدوم الفارس الذي تحلم به كل فتاة ‏على حصانه الأبيض، جاء أرسين فينغر من بعد آلاف الأميال من بلاد الساموراي اليابانية متحلّياً بروح الشباب وفي ‏جعبته لقب فرنسي عام 1988 مع فريقه السابق موناكو، لم تنظر الفتاة المتلهفة لتاريخه المتواضع لكن كما ‏يحصل دائماً في بداية قصص العشق والغرام تعطى الفرص في أول خطوة.‏

لم يكن فينغر معروفاً جداً في عالم التدريب عندما تولى الاشراف على تدريب أرسنال الانكليزي، مما ‏دفع السير أليكس فيرغوسون للقول “أرسين مَن؟” عندما سئل عن رأيه بالمدرب الجديد، لكن كان كل ما يحيط ‏بالنادي يوحي بأن الحقبة القادمة ستكون بداية قصّة عشق مشابهة للروايات الرومنسية.‏

تحدّى عدو النجاح الأبرز في بلاد الإنكليز؛ وهو كلام الصحافة الذي وجّه الكثير من التساؤلات حوله ‏ومسيرته المتواضعة، لكنّه لم يكترث لكل هذه الأمور وتمكن المدرب الفرنسي الذي يطلق عليه لقب ‏‏”البروفيسور” من قيادة ثورة حقيقية في صفوف أرسنال، ليضعه في القمّة مطلع الألفية الثانية، قبل أن يتراجع ‏مستوى فريقه في السنوات الأخيرة‎.‎‏

شخصيته القيادية وروحه الشبابية جعتله يتدخّل في كل كبيرة وصغيرة في النادي وأصبح أكثر إشرافاً على ‏لاعبيه حتى تدخّل في نظامهم الغذائي، وتقليل شربهم للكحول ونقلهم من حياة اللامبالاة إلى الاحترافية ‏العصرية في تلك الفترة.‏

ثورة الشاب الفرنسي حينها وفكره الجديد جعله من أوائل مدربي الدوري الإنكليزي الذين أحدثوا تغييرات ‏داخل أنديتهم، وأبرم الصفقات مع لاعبين أوروبين يخدمون أسلوبه ونهجه الكروي، ليدخل شخصيات كثيرة ‏في قصّة عشقه مع أرسنال. ‏

أولى هداياه لحبيبته كانت عام 1998 بلقب الدوري المحلي لينتقل مع الفريق لحقبة تألق كبيرة بقيت حتى ‏عام 2004، ليحقق اللقب الذهبي “دون أي خسارة بعد 38 جولة” ويدخل كتاب غينيس للأرقام القياسية، ولا ‏يزال هذا الرقم صامداً باسمه حتى الآن.

فترة العسل بين المحبوبين “فينغر وأرسنال” استمرت ليصل بهم المطاف إلى بلاده فرنسا، وتحديداً نهائي ‏البطولة الأقوى أوروبياً ليصطدم ببرشلونة في أولى ثوراته الكروية ليخسر فينغر أحد أفضل الهدايا لعشيقته، ‏ويعود السبب في ذلك إلى أن ادارة الفريق اللندني وضعت سقفاً لأجور اللاعبين ولعقد الصفقات، في حين لم ‏تتردد الأندية المنافسة في دخول سوق الانتقالات ودفع مبالغ طائلة لتعزيز صفوفها.

الخيانات بدأت تنهال على فينغر من كل حدبٍ وصوب داخل أرجاء نادي معشوقته، بعدما أعلنت إدارة النادي ‏عن سياسة التقنين المالي في إبرام الصفقات لتحقيق الإكتفاء الذاتي في أسهم النادي، ليكبس بطلنا العظيم ‏على جرحه ويستمر مع فريقه بالرغم من رؤيته للكثير من نجومه وهم يغادرون دكّته ويبقى هو في وجه ‏المدفع، في الانكسار قبل الانتصار ويتحمّل فينغر كل تلك الخباثة في التعامل مع مسؤولي النادي.

إلى أن ‏جاءت لحظة الحقيقة صباح يوم 20 نيسان أبريل 2018 ليعلن فيها مغادرته المكان الذي حقق معه ثلاثة ‏ألقاب دوري محلي و7 بطولات كأس إنكلترا وهو في نصف نهائي يوروباليغ لهذا العام، ليترك أكثر دكّة ‏عشقها لسنين طويلة وعاش معها أجمل قصص الحب الرياضية.‏

*عبد الرزاق حمدون. صحفي رياضي مقيم في ألمانيا

 

اقرأ أيضاً:

محمد صلاح … أنا لست رياض محرز

ليفربول يرتدي ثوب “ثقة الأبطال” في ليلة القبض على “الكرة ‏الجميلة”

سلاح ريال مدريد النووي رهان زيدان في موقعة يوفنتوس

ثورة غيفارا منتظرة في الشوارع الأرجنتينية لأسباب رياضية!

طرح سيناريو بقاء الأسد في أروقة الحزب المسيحي الديمقراطي

بالفيديو: قرارات لجوء قيد التحقيق، اشتباه في ألفي حالة فساد في فرع المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين في بريمن