in

مدينة بوخوم تستضيف مخيم اليرموك في مسرحها

محمد أحمد زغموت – بوخوم

في الغربة، يكاد يكون وصف حياتك التي عشتها في بلدك الأصلي أو مدينتك أو لربما مخيمك شيئًا بديهيًا، وهناك من استطاعوا أكثر من ذلك بإمكانياتٍ محدودةٍ كتمثيل ماضيهم وذكرياتهم بحلوها ومرها وبألم معاناة فرضت عليهم جراء الحرب الدائرة في سوريا وما أفرزته من لجوء وتشتت في كافة بقاع الأرض، وأملا بحياة جديدة يأمل من خلالها اللاجئون أن يكونوا جزءا فاعلا في تلك الدول.
فيض من المشاعر المتناقضة استطاع من خلالها فريق جروبن غولد التابع لمسرح برينتس ريغنت بمدينة بوخوم الواقعة في ولاية  شمال الراين فيستفاليا غرب ألمانيا، استطاع من خلالها الإبداع بعدة مشاهد، جسد الشباب فيها قصتهم وعرضوا رسائل أرادوا من خلال خشبة مسرحهم إيصالها للمشاهد الأوروبي ولحشد من اللاجئين أيضا.
مشاهد العمل المسرحي بدأت بلوحة عرضها الفريق عن الحياة داخل مخيم اليرموك الواقع جنوب العاصمة السورية دمشق قبل اندلاع الثورة السورية وما آل إليه المخيم من أحداث انتهت باستهدافه واغتيال الحياة بداخله وحصاره ونزوح أبنائه عنه “المشهد الثاني” .
بالإضاءة والأصوات استطاع فريق الهندسة إيصال الفكرة للمشاهد، كما أبدع بها الفريق المسرحي لينتهي المشهد الثاني بأغنية “يما ويل الهوى”. الفنان الشاب الفلسطيني السوري محمد تميم حدثنا عن تجربته مع الفريق قائلا: “بدأ العمل مع المخرج بعرض مشاكل اللجوء وطريق الهجرة واستطعنا أنا وأصدقائي من أبناء مخيم اليرموك تسليط الضوء على معاناة المخيم المحاصر كنوع من الانتماء لذاك المكان والذي هو بالنسبة لنا فلسطين الصغيرة، بدأت الفكرة بقصيدة الصديق الشاعر يوسف زغموت ثم تطورت لرسائل للمجتمع الغربي عن ذاك المخيم المملوء قديما بالطاقة والحب والحيوية والنشاط والإبداع فضلا عن نقل ثقافتنا الممزوجة بحقوقنا وخاصة حق عودتنا إلى فلسطين التي طالبنا بها أيضا ونحن في سوريا داخل المخيم”.

IMG-20160409-WA0023

ويضيف تميم عن رسالتهم “الظلم والقهر الذي تعرض له المخيم من كافة الأطراف خلال الثورة السورية يوجب علينا تسليط الضوء ونقل تلك المعاناة كرسائل مسرحية للمجتمع الأوروبي وما بدأ به الناشطون الشباب في اليرموك أمثال الناشط الإغاثي خالد بكراوي والمخرج المسرحي حسان حسان يفرض علينا أن نكون أوفياء لرسالتهم ومشروعهم وبأننا رغم ما حل بنا “مش رح نموت، باقيين ، نحنا صوت الحق اللي مش رح ينطفي ولا يموت”
كلمات وافق عليها أيضا الفنان الشاب أمجد زغموت والذي مثل دور المخيم المكلوم في هذا العمل المسرحي، أمجد القادم إلى أوروبا عبر صحراء السودان فليبيا ثم بحرا إلى ايطاليا، عانى كغيره من اتفاقية دبلن كما عانى سابقا أيضا من وثيقة السفر باعتباره لاجئا فلسطينيا في سوريا إذ أوصدت في وجهه جميع الأبواب.
أمجد أوضح أنه وأصدقاءه اختاروا طريق العمل المسرحي لإيصال صوت المعذبين وأنات المحاصرين للسنة الرابعة على التوالي داخل اليرموك فضلا عن صوت الصابرين من اللاجئين في أوروبا على القرارات المتتالية أو الاتفاقيات المجحفة بحقهم.
“إننا اذا عشقنا بلادا/ شربنا الموت أقدارا/ وبنينا صرحا للحرية لن يهدم/ أنا يا مخيمي بت لا أعرف شيئا من الأبجدية.. سوى أن أعتذر” تلك الكلمات جزء من قصيدة “مخيم أو لربما وجع” للشاعر الشاب ابن مخيم اليرموك يوسف أحمد زغموت. القصيدة والتي مثلت المشهد الثالث ضمن العمل ترجمت إلى اللغة الألمانية ووزعت على الحضور قبل البدء بالعمل.

المشهد تحدث عن استهداف المخيم بقصفه وحصاره وتجويعه، واستشهاد صديق الشاعر الناشط الإغاثي خالد بكراوي في أقبية سجون النظام السوري.

dsc_9213

يوسف وصف النشاط المسرحي بأنه أسهل الطرق إلى الاندماج إذ من خلاله يستطيع الفرد ترجمة ثقافته للمجتمع المحيط به.

مضيفا في معرض كلامه عن عملهم المسرحي بأنه منبر للأشخاص المعتقلين وللشهداء وذويهم وتسليط للضوء على مجتمع إنساني محاصر بأكمله داخل المخيم وبأن ما يقومون به هو وزملاؤه نوع من الوفاء بالعهد لذاك المكان ولهؤلاء الشهداء والمعتقلين والمحاصرين.
المشهد الثالث انتهى بقصيدة “هنا اليرموك” للشاعر الفلسطيني ابن مخيم اليرموك إياد حياتلي وبنشيد “موطني” الذي مثل لدى الفريق حالة اللجوء الممزوجة بذكريات الوطن إلى القارة العجوز.

لم يكن جل اهتمام فريق “جروبن غولد” فقط الحديث عن ماضيهم والمخيم المنكوب بل استطاعوا من خلال المشاهد المتبقية من عملهم عرض وصولهم إلى أوروبا ومحاولات اندماجهم بطريقة أضحكت الحضور إذ إنها كانت بعد كل محاولة لهم ترتطم بجدران القرارات الأوروبية المجحفة بحق الهاربين من الصراعات والحروب وخصوصا اتفاقية دبلن التي أنهت آمال معظم اللاجئين في أوروبا وفرقت العائلات وشتت الأفراد فضلا عن المعاملات البيروقراطية والروتينية IMG-20160409-WA0025ومشاكل اللاجئين في اللغة وملفات تنتظر قرارات طال انتظارها كملف لم الشمل والذي أضحى يؤرق حياة كل لاجئ
هجر أهله طالبا حياة كريمه له ولهم.
مديرة مسرح برينتس ريغنت السيدة رومي شميدت حدثتنا عن المسرح بأنه “يهدف لإيصال رسالة ليس فقط للمشاهد الألماني بل لجميع الجنسيات” وأضافت بأنه “من الواجب علينا كأشخاص نعمل في مجال الثقافة والفن والمسرح، العمل مع الأشخاص الذين وصلوا إلينا في الفترة الاخيرة ونفتح لهم المجال للتعبير عن أنفسهم، ونهدف من خلال هذا المسرح للربط بين المسرحيين في هذه المدينة وفريق العمل هذا” مضيفة “أن وسائل الإعلام الألمانية أسهمت وخصوصا في الفترة الأخيرة بنقل صورة خاطئة عن اللاجئين” وترى بأنه “ينبغي استقبال هؤلاء الوافدين المشابهين لنا والاستفادة منهم حضاريا وثقافيا إذ أن هناك العديد من النقاط المشتركة بيننا وبينهم ويمكننا البناء عليها والتعاون على اساسها”.

IMG-20160409-WA0024مخرج العمل المسرحي السيد هولغر فانغر حدثنا عن فكرته في العمل الهادفة إلى ربط القادمين حديثا للمدينة بسكان المدينة كنوع من أنواع الاندماج المتعددة ويضيف هوغلر “المهم من خلال هذا العمل إعطاء الفريق الإمكانية الكاملة للتعبير عما يجول بداخلهم من أفكار وإخراج مضمون أفكارهم للعمل المسرحي” متعهدا بتطوير الفريق والاستمرار بالأعمال الهادفة.

العمل الذي انتهى بزراعة الأمل وصفه الحضور بأنه المضحك المبكي وبأنه فيض من المشاعر أثرت في نفوسهم وأسهمت بفهم ثقافة اللاجئين الوافدين إليهم كما رسمت في مخيلتهم الصورة التي أرغمتهم على ترك بلادهم واللجوء لمجتمعات مختلفة تماما عنهم. “نعم إنها الحرب، وتلك فاتورة اللجوء”.

صحفي فلسطيني

دعوة لحضور عرض “قلبي اسمه هليكوبتر” ابن البلد – ارتجال لغوي وصوتي وبصري

مجرمو حرب بين اللاجئين