in

كايرو كشري.. شاحنة طعام أم مشروع ثقافي؟

محمد رضوان (38 عامًا)، مهندس مصري، درس الهندسة الصناعية في ولاية تكساس الأمريكية. وأطلق مشروعه الجديد: كايرو كشري، في برلين.

رامي العاشق – برلين.

 

بانتظار موت مبارك

كان محمد رضوان يعيش في البيرو. في عام 2008 بدأ يسأل نفسه: ماذا أفعل هنا؟ “كنت أرغب بشدة بالعيش في الشرق الأوسط، خاصة وأني لم أعش في الشام قبل، وفي الوقت ذاته كنت أشعر أن حسني مبارك سيموت قريبًا في أي لحظة، وعليّ أن أشهد مرحلة التغيير هذه”، عاد إلى مصر وانتظر فيها لمدة سنتين، لكن مبارك لم يمت، “الجماعة دول ما بيموتوش!” فسافر إلى سوريا 2010.

التلفزيون السوري وقصة عميل الموساد

في سوريا عمل في شركة نفط مصرية كمدير لمكتبها هناك، “حين قامت الثورة في مصر، كنت غير مصدقٍ لما يحدث، ذهبت إلى مصر وبقيت هناك 18 يومًا إلى أن تنحى مبارك، ثم عدت إلى سوريا، بالرغم من شعوري أن الثورة لم تنته بعد” يقول محمد.

في شباط – فبراير شارك محمد في مظاهرة في دمشق ضد القذافي، بعد أسبوعين، عرف بمظاهرة سورية عند وزارة الداخلية في دمشق لكنه لم يستطع المشاركة فيها، بعدها “عرفت بمظاهرة الجامع الأموي، فقررت أن أنزل لأرى بنفسي، وقتها كان الشيخ البوطي يتحدث بكلام غريب على المنبر، وفجأة بدأ الشباب بالهتافات للحرية، وانقسم الجامع إلى نصفين، الشبيحة في طرف والمتظاهرون في طرف، وكنا مجموعة من الأشخاص وقفنا في المنتصف نحمل هواتفنا ونصور. يومها تم اعتقالي، كان هذا في 25.3.2011 تم احتجازي لمدة أسبوع في أحد الفروع الأمنية التي لا أعرف أيًا منها، تعرضت للتعذيب، وتم اتهامي بالعمالة لجهاز الاستخبارات الأمريكية والموساد. حين أنكرت التهم التي وجهت إليّ، هددوني بوضع الكهرباء في خصيتيّ، فرضخت لطلباتهم. أخرجوني من الزنزانة لأجد نفسي في مكان جاهز ليكون استديو تصوير، فقد قرروا أن قصتي ستكون هي القصة الأكثر إثارة، وهذا الشخص (أنا) سيؤكد نظرية الأجندات الخارجية. أخرجوني على القناة السورية، اخترعوا سيناريو وطلبوا مني أن أقوله، فقلت إني ذهبت إلى إسرائيل، وإني أتلقى تمويلاً من خارج سوريا، ولكن هذا لم يحصل”.

بعد حملة إعلامية “اضطر النظام السوري أن يطلق سراحي، وتم تسليمي للسفير المصري” بعدها سافر محمد إلى مصر.

وزير الخارجية نبيل فهمي، الذي تدخل في قضية محمد، استدعاه إلى مكتبه ليسأله عن الذي حصل، وبعد أن عرف القصة، قال له: “يمكنك أن تقول ما تريد على الإعلام، ولكن هناك معتقلون مصريون كثر لدى النظام السوري، لو تحدثت ضد النظام وعن التعذيب الذي تعرضت له فلن يخرجوا”، يقول محمد: “خرجت على التلفزيون المصري وقلت إن الأمر كان سوء تفاهم، ولم أقل إنهم قد عذبوني، وشكرت الخارجية، بعدها خرج جميع المعتقلين المصريين، فخرجت مع باسم يوسف في برنامج “البرنامج” وتحدثت عن كل شيء حصل لي في سوريا، ولماذا لم أقل كل شيء في الأيام الأولى”.

 

فاشية في مصر

“الثورة المصرية فشلت، على الأقل إلى هذه اللحظة” يقول محمد، وهذه من الأسباب التي جعلته يخرج من مصر ليرتاح قليلاً، ريثما ينتهي المناخ “الفاشي” الذي يشبه المناخ الذي كان في أمريكا 2001 عقب أحداث 11\9، بحسب تعبيره، يضيف: “بعد أن رأيت كثيرًا من الشعب يؤيد مذبحة حصلت لفئة أخرى من الشعب، وتخوين الذين خرجوا في ثورة 25 يناير، قررت الخروج لبرلين”.

 

مشروع مركز ثقافي عربي في برلين

“عندما أتيت إلى برلين بدأت ألتقي بشباب من سوريا ومصر، وشعرت أنني قادر على فعل شيء، لم يكن هناك مركز ثقافي للعرب، ففكرت بإبراز الثقافة العربية، خاصة أن جيل الشباب متواصل على الانترنت، وهذا مؤثر جدًا، الفن والثقافة، تستطيع تغيير الصورة النمطية عن العرب، ففكرت بتأسيس مركز ثقافي للعرب، ثم فكرت بمهرجان الفن العربي في برلين، وبدأت أبحث عن دعم من مؤسسات مختلفة، لتكون بداية لتأسيس مركز ثقافي، لثلاثة شهور من المحاولة، لم أستطع، فقررت البحث عن فكرة أخرى، فكرة تكون جديدة، وخفيفة الظل، ورأيت أن فكرة شاحنة الطعام هي فكرة فنية ثقافية غير موجودة، تحديدًا المطبخ المصري، من هنا يمكن البدء بصنع تواصلات وعلاقات ثقافية بين العرب أنفسهم وبين العرب والألمان” يقول محمد رضوان.

 

أفوكادو كشري، كركديه مع الشورليه الألماني

يكمل محمد: “لعدم وجود ثقافة (Food Truck) عربي في ألمانيا، قمت بتأسيس كايرو كشري، طورت بعض الأطباق من الكشري التقليدي ليتوافق مع رغبات السوق الألمانية، مثلا كاليفورنيا كشري، أفوكادو كشري، استبدلت الرز بالكينوا، وقريبًا كازابلانكا كشري لأن المطبخ المغربي محبوب أيضًا، كذلك كالاماتا (جبنة بيضاء، برغل، وزيتون)، واخترعت أيضًا مشروب كركديه مع الشورله الألماني، وبعض المازات الخاصة.

الكشري طبق نباتي، وهذا أيضًا مرغوب هنا، “ولكن الطعام النباتي في ألمانيا غير مشبع، الكشري وجبة نباتية مشبعة جدًا” يقول محمد ويتابع: “ولكنه في الوقت ذاته مقدس في الثقافة المصرية، ولا يمكن التعديل والإضافة عليه، وتغيير الوصفة، ولكنها مغامرة جميلة”.

التشارك مع The Space

“حين بدأت بمشروع كايرو كشري، تعرفت إلى مجموعة في برلين تعمل على مشروع مشابه للمشروع الذي كنت أفكر فيه، يجتمعون وينشطون في الشؤون الثقافية والأدب والموسيقا في مكان اسمه (The Space)، مجموعة من الأشخاص المنفتحين على الآخر وعلى الاختلاف، فقررنا العمل سوية، بحيث يكون هناك نشاط ثقافي كبير وليس مجرد طعام.

 

البيروقراطية في ألمانيا

طريقة العمل ليست سهلة في برلين، يقول محمد “قوانين برلين أصعب من هامبورغ وميونخ، مثلا، لا يمكن أن تقف بالشارع وتبيع دون ترخيص خاص، فكانت الخطة أن نبدأ بمناسبات خاصة، مهرجانات، وهكذا، وأنا أريد ألا أقدم طعامًا فقط، أريد تجميع الناس مع تقديم فنون مختلفة، لذلك نسعى اليوم أن نشارك في اليوم المفتوح للمتاحف، والسوق الأخضر”، فريق كايرو كشري حاليًا يتكون من ثلاثة أشخاص، يعقوب يوهانا، ومحمد، وكلّهم الآن أمام تحدٍ جديد.

 

الصعوبات والبيروقراطية

واجه محمد صعوبة في اللغة في الدوائر الحكومية حيث لا يتحدث الموظفون اللغة الإنكليزية، “وهذا يكلف وقتًا وجهدًا، كما أن قضية الورقيات متعبة جدًا، البيروقراطية التي يتحدث عنها الناس حقيقية، ولكنها ليست أصعب من مصر، تحديدًا إن كنت لا تريد أن تدفع رشوة. مع ذلك قضيت ستة أشهر انتظار عوضًا عن ثلاثة، وكانت الفيزا ستنتهي” يقول محمد.

 

مستقبل المشروع

“هذا نشاط ثقافي فني ليس مجرد طعام، سنرى كيف سيتطور المشروع فيما بعد، استطعنا الآن انتاج الكثير في فريق صغير، سنشارك في مهرجانين هذه السنة وسنتقدم للمشاركة في مهرجانات أكبر العام القادم، هذا المشروع يقدم حالة متكاملة، حدثًا ثقافيًا أكبر من أحداثه المفردة، فهو يجمع الموسيقا، الطعام، الثقافة والتواصل.

ربما نفتح مطعمًا في المستقبل، بذلك يقوم المطعم بتغذية الشاحنة، وتقوم الشاحنة بالترويج للمطعم”. يقول محمد ويختتم: “مشاريع الريادات الثقافية، كلها تعمل لتقدم العرب بصورة أخرى، لا تضعهم في تصنيفات جاهزة، وهذا أمر في غاية الأهمية”.

 

يمكنكم زيارة الموقع الخاص بكايرو كشري على الرابط:

www.kairokoshary.com

 

المرشح الاشتراكي لمنصب المستشار بألمانيا يصف ترامب بـ “الخطر على العالم كله”

اليمن .. البلد الذي ازدهر في حضرة النساء