in

“عندما تبكي فرح” خطوة في طريق عودة المسرح

خاص أبواب – إيسن

اختتمت في الشهر المنصرم جولة العرض المسرحي “عندما تبكي فرح” والتي شملت عددًا من المدن الألمانية، والعرض من تأليف مضر الحجي، والمعالجة الدرامية والإخراج للألمانيين ستيلا كريستو فيليني، وشتيفان شروخر، وتمثيل: بسام داود وإينانا الأعسر، من سوريا، ومحمد نورالله فلسطيني سوري، ومن العراق ياسمين غراوي، ومن ألمانيا آندريه ليفيسكي.

يحاول العمل رصد عمق التحولات التي حرّضت الثورة السورية، ونجمت عنها في الوقت ذاته، فالعلاقة بين هذه التحولات تفاعلية، طرديّة، تشدّ بعضها بعضًا.

يحكي العمل قصة فرح، الصبية العشرينيّة التي دفعها الإيمان بضرورة التغيير للانخراط في المظاهرات السلمية، وتعرّفت على فتاة أكبر منها سنًّا، وأعمق تجربةً، فبدأت ملامح ثورة فرح الذاتية بالتشكل، ثورة على المنظومة الاجتماعية، التي لا تقل قمعًا، واضطهادًا عن المنظومة السياسية، والتي انتقلت من علاقتها بوالدها، لعلاقتها بحبيبها، فتستمر ثورتها الذاتية، بالتزامن مع ثورة البلد.

وفي رمزية لطيفة، كان كل محيط فرح يحاول كبتها ومنعها عن التعبير عن ذاتها حين تزداد الضغوط، فيطلب منها ألّا تبكي، لأن البكاء هو اعتراف بالضعف وفق العرف العام، حتى تأتي اللحظة التي تقرر فيها فرح مواجهة حتى هذا النوع من الضغوط، والبكاء. فالبكاء كالثورة: حقّ وحاجة.. وحينها تصل فرح إلى ما تريده من ثورتها الذاتية، الاستقلال النفسي كخطوة أولى إلى باقي درجات الاستقلال والحرية.

عن العمل، تحدّث الكاتب مضر الحجي إلى أبواب قائلاً:

  • العمل قطعة من المشهد الكبير في الثورة السورية، لم تكن الغاية أن نحكي قصة الثورة، ولكن واقعية الشخصيات، والأحداث، ستأخذ الجمهور إلى هذه الحكاية بالضرورة، كان الغرض الأساسي هو رصد التغيير في الواقع الاجتماعي والنفسي، وهو الجانب الأكثر تجاهلاً حتى اللحظة في رصد أحداث الثورة ونتائجها.
  • ما هي أهم الفروقات بين العمل في المسرح في أوروبا، وبين العمل في سوريا؟

  • مازالت تجربتي هنا أقصر من أن أطلق أحكامًا، ولكني أعتقد أن الفارق الأهم يبدأ من علاقة المجتمع والفنان بالمسرح نفسه. والسؤال الجوهري عن مادة العرض وتوقيته: لمَ سنقدم عن هذا الموضوع، ولمَ سنقدمه الآن؟ هذا السؤال يُطرح هنا أكثر من سوريا بكثير، ربما، لأننا كنا في سوريا يائسين من أثر المسرح، بينما سيترك العمل الجيد هنا أثرًا بلا ريب. وبالتأكيد، يقف الوضع السياسي في العمق وراء كل اختلاف.

 14433170_904532336344947_4217019940714262780_n

وعن العمل، ودوره فيه، قال الفنان السوري بسام داوود:

  • شخصيتي في العمل هي والد فرح، النموذج النمطي للأشخاص المقاومين للتغير رغم معرفتهم بسوء الأوضاع، ميّال بشدّة لقوننة كل شيء ووضع قالب لكل سلوك. ومن هنا كان صدامه مع ابنته، ومع كل الحراك العام، فهو يشكل تهديدًا لكل قناعاته بخطورة أي تغير.
    في نهاية المطاف، يفشل في مقاومة هذا المدّ الجارف، فيعود إلى قريته ليعيش وحدته. وعند قبر زوجته، تنكسر الشخصية الصلبة التي لا تعبر عن مشاعرها، فيبكي، ليختتم سلسة انكسارته عبر العمل.
  • هل ترى أن هناك أفقًا للأعمال المسرحية القائمة على غير الناطقين بالألمانية؟ هل ستستمر؟

  • المسألة مرتبطة بشكل رئيسي بانفتاح المجتمع المضيف ورغبته بمشاهدة عروض بلغات جديدة، وبحكايا من مجتمعات مختلفة. عمومًا، أنا متفائل إلى حدٍّ بعيد بالقدرة على التواصل مع المجتمع الألماني. وأمامي قضيتان، أو رهانان إن صح التعبير: الأول: إدخال اللغة العربية إلى المسرح الألماني، والبحث عن وسائل للترجمة، (subtitle أو غيرها) كما هو الحال في معظم أعمال الأوبرا مثلاً. والثاني: تقديم مسرح سوري للسوريين في ألمانيا، لأنّ من حقّ اللاجئ السوري أن يشاهد مسرحًا بلغة يفهمها، بحكايا قريبةٍ منه، تقارب همومه وقصصه، سيما وأنه كان محرومًا من هذا في سوريا إلى حد بعيد، حيث كان المسرح في أغلبه بعيدًا عن وجع الناس، وحتى عن فرحهم.

حاول العمل تقديم الحكاية معتمدًا النمط الأبسط – الأعقد من الشروط الفنية، فالديكور والإضاءة والموسيقا في الحد الأدنى إن لم تكن غائبة تمامًا، والاعتماد الكلّي على أداء الممثلين، وهذا سيكون فرصة لتقديم العمل خارج الشروط الفنية للمسرح، لإيصال الرسالة إلى الجميع. وهو خطوة طيبة في طريق قد يكون طويلاً في بناء علاقة بين المسرح السوري، وبين كل من اللاجئ والمواطن الألماني على حدٍّ سواء.

معرض الكتاب بلا كتاب سوري!

الشرطة الألمانية تكشف تورط موظفين أوروبيين في تهريب المهاجرين