in

باء

شيرين عبد العزيز.

 

فاتَني كلّ شيءٍ مُسرعًا

كذبابةٍ خائفةٍ

لم يبقَ لي سوى

عدّ أصابعي

وتقشير البصل..

بعتُ خردواتي

صفّيتُ حسابي مع الله

فغلبني النعاسُ

ونمتُ حالمةً

بشجرةِ توتٍ

عصيّةٍ على الديدان

لا تهزّها أصداء القنابل

عنقي سقفُ منزلٍ مهدَّم

ذاكرتي.. حصى متطايرة

تحت عجلات قطار

وأقدام كلاب شاردة

تجول الأزقةَ صيفًا

وطني.. عاملُ نظافةٍ أرمل

لم يتقاضَ راتبه

منذ عهد “توت عنخ آمون”

يبكي كلّ مساء

أمام مخازن الحبوب

والمعلّبات الفاسدة

هكذا أكون

هكذا نكون

حين نأكل ونشربُ

أمام نشرات الأخبار

نبصق على الشاشة

ثمّ نختلي..

لنمارس عاداتنا السرّيّة

حين..

نكذبُ لنكتُبَ

حين نحتفل بالأعياد لأنّ ثيابنا نظيفة

حين ينذر المنجّمون بالقيامةِ

فنصدّقهم

وننسى أنّنا دُفِنّا

تحت رماد سينما عامودا

والمجازر المكرّرة كفروض الصّلاة

حين ندّعي أنّ الفجر سيبزغ غدًا

…لنا

أنّ الريح ستقتلعنا

وتطير بنا إلى المقدّمة

ونحن متّكئون على معجزات السماءْ

نتحدّثُ بصوتٍ خافتٍ..

كالنّقطةِ النّائمةِ أبدًا

تحت حرف الباءْ.

موازاييك الحصار: النسيان فعل انتقامي وقتل مفرط النظافة

Brief an meine deutsche Freundin: Warum ich Deutschland hasse